الشاعرة فلورا قازان نبوءة المطر Poet Flora Kazan

الأحد، 31 ديسمبر 2017

يا رب المجد وإله الرحمة

للأمنِيات حكايا نسجتها الرياح

يا رب المجد 
بالأمل تتلامس الأكف المرتعشة 
تودع أحلامًـا تـاهت في العتمة 
وتستقبل عامًـا متوهجًا بالحكمة 
إن شاء الله قرعت أجراس الذاكرة 
*
أسمى التهاني والأمنيات القلبية  الصادقة 
مقرونة بصلوات  أرفعها  لإله الرحمة
أن يمدكم  والوطن العربي بنعمه الغزيرة  
ويجعل عامكم الجديد زاخر بالسعادة  
فلورا قازان 

  




السبت، 30 ديسمبر 2017

فوبيَا الضّوء الجزء 3 فلورا قازان

للأمنِيات حكايا نسجتها الرياح



لا تَستغرِبْ
لا تَستغرِبْ
أنفاسي تُوشِكُ أنْ تتبخَّرَ
تَحرثُ الشّوقَ على أطرافِ الشَّمس
تُحيكُ من جدائلِها وسادةَ دفءٍ
وإزارًا من نارٍ ينتظرُ شتائِكَ المُفْتَرِس

(8)
بيني وبينكَ
بيني و بينك يا وطني الحزين
نجمةٌ كبيرةٌ تبكي دمَ الشهيد
وقمرٌ يغازلُ أحلامَنا على شاطئِ الكرامةِ البعيد
وغيمةٌ مسافرةٌ بأشواقِ الطفولةِ للعيد
بيني وبينك يا وطني الكئيب
كذبةٌ مقدسَةٌ ... وحقيقةٌ غاضِبة
وشمعةٌ خلفَ أسرابِ الوهمِ مُضاءةٌ بِدَمي
كرعشةِ أملٍ ودمعةِ ألمٍ وانْهيارِ قلمٍ
و قصيدةٌ حزينةٌ تجتاحُ الموتَ للسماءِ الهاربة

(9)
ليس للقادمين
ليسَ للقادمينَ
غيرُ اشتهاءِ الرحيل
ليس للصامتينَ
غيرُ انتشاءِ الصهيل
وليس للأرضِ
إلا انتظارُ المطر
مطرٌ
مطرٌ
مَطَرْ
فأين أُصبِحُ كالمطرِ ؟!
 
كالطائرِ الذي لا يخافُ بُندقيَّةَ الصَّيَّاد ؟!
كالأنهارِ التي تَعشقُ زُرقَةَ السَّماءِ
ولا تخشى من سطوةِ المنحدرْ ؟!

(10)
علمتني الحياةُ
علمتني الحياةُ
كيف النهاياتُ تكونُ ابْتِسَامَة
كيف البداياتُ تكونُ اسْتِقَامَة
لذا أتغاضى عَنِ الإسـاءةِ
صدّقوني ، أنا لا أدّعي الحكمةَ
ولستُ تابعةً لأيَّةِ مدرسةٍ فلسفيّهْ
أنا شهقةٌ من أنفاسِ حياتنا اليوميّهْ
إنني امرأةٌ أكثرُ من عاديَّة
قلبي ينبضُ بالحبِّ المطلقِ
أزرعُ شتلاتِهِ أينما حَلَلْتُ وأحيَا على أملِ صُمودِهِ
في وجهِ أعاصيرِ الأيامِ المرعِبَة
وفي كثيرٍ من الأحيانِ أشعرُ بأنَّهُ لا وجودَ له إلا في قلبي
وأحياناً كثيرةً أجدُهُ في ملامحِ كُلِّ إنسانٍ
في كلِّ مكانٍ وكلِّ زمان
كُلُّنا نسألُ : لماذا خُلِقْنَا في هذه الدنيا الأليمَة ؟!
لِمَ نتحملُ هذا العذاب ؟!
وكلنا يظنُّ بأنه وَجَدَ الجواب
و الحقيقةُ هي أننا لم نَصِلْ بَعدُ إلى سَفْحِهِ
ما دُمْنَا لم نُؤمِنْ
(بأن النهايةَ هي البداية )

(11)
حوريَّةُ السماء
لهفةُ المساءِ تغازلُ حوريةَ السماء
وما بين السماءِ والمساءِ شبقُ ارْتِواء
تحت ظلالِ الحلمِ نحاولُ دائماً أن نتنفَّسَ
وإنسكابُ الدمعِ ليس بالضرورةِ مصدرَ الوجع
بل هما الرجاء والأمل يتصدران فرحاً قد يأتي.



(12)
حواسُ الهوى
اِقتحمَتْ أسوارَهُ الشائكة بحوارٍ مِنَ النِّدِّ لِلنِّدِّ
قالتْ :
لقد أطلقتُ الفصاحةَ في دواوين النّدى
وشرَّعتُ ملاءة الحرفِ لحواسِ الهَوى
سأَطلي شحوبي لأبدو ذكرى جميلةً
لكن أريدك أن تعلمَ
أنني أحيا ما بين جسدِ خِواءٍ بلا هُوُيَّة
وملوحةَ عينٍ حارقة الدَّمعِ
تُجَندِلَ حزني على أغصانِكَ المُشاغِبة!
لِمَ لا تَشُدُّ ملاءَة الظِّلِّ على جسدِ اللحظةِ المُحْتَرِقة ؟
شَمِّرْ عن سَاعِدِ كبريائِك
لا تَتَمَلمَلْ وخُذْ من رئةِ الدخانِ نفسًا عميقًا
واخْتَرقْ احْتراقِي بشفاهِ الصّمتِ!
لِمَ أستسلم للحصارِ في باطنِ عقل
ثَقَبتُ جدَارَه بمسمارِ الظَّنِ ؟!
وسؤالٌ في تغريدةِ ذهنٍ:
هَلِ القلبُ الذي يُؤنِسُ جمودَك شمسُهُ دافئة ؟
أم هو مجروحُ الهوى بالبردِ ؟
أثارَ غضبَهُ هذا السَّردُ
فَشَخَصَتْ عيناهُ بغضبِ الشوق
اِبتسمَتْ كُلُّ حواسي النرجسيّةِ بمكرٍ
وقالت :
لا تنظُرْ إليَّ بعينٍ آنيةٍ
بَلِ انُظُرْ إليَّ بعينٍ حانيةٍ دون مؤامرة
فما من غطاءٍ دافىءٍ يسعني بَعْدَك
 
وقشعريرةُ الصقيعِ لا تقتلُهُا المُكَابَرة
أريدُ فَقَط التخفيفَ من وطأةِ الحزنِ
هلا أعرتني انتِبَاهَ أنامِلكَ السَّرمدية 
أم أنَّكَ ستتركني أرحلُ مرتديَةً عباءةَ الكآبةِ 
بانتظارِ نبرةِ اللهفةِ المُجندَلةِ
على أعتاب الذكرى ؟!
نَعَمٌ ولا، أم لا ونَعَمْ ؟!

(13)
 اِمتصاص
سأحاول أن أمتصَّ اختِنَاقِي
أترُكُ نافذةً مفتوحةً
لهَمسِكَ بين غفوةٍ وصحو
قل لي
كيفَ تُترجمُ ثقافةَ وَلَهِ العينِ ؟!
 العينُ التي لن تُفرِغَ ذخائرَها
في مهجةِ الضّوء
 
وسأعصرُ شَجَني
و أجعلُ من ضحكتي الكامدةِ المزيفةِ
على مِبسَمِي المضيءِ بالوُدِّ؛
لأقولني وأقولَكَ
حتى يقتنعَ الفجرُ وينبثقَ عطرُ الردِّ

(14)
أُنثى الضّوء
لأنَّني أُنثى الضّوءِ؛
تتنازلُ النجومُ لي عن عَرشِها، 
لأَنَّني أُنثى الفصولِ
تتخاصمُ الغيومُ تهجُرُ بعضَها
وتعودُ إلى أحضاني!  
لأنني أُنثى النبوءةِ ؛
ينسى الشتاءُ
تراتيلَهُ الصاخبة
في مِدفأةِ صدري
لأنني أنثى المحبَّةِ؛
أسامحُ كُلَّ من تفانى
في تمزيقِ مشاعري
وأوصالِ قَصائِدي.

فوبيَا الضّوء الجزء 3 فلورا قازان


للأمنِيات حكايا نسجتها الرياح






ملف كتاب فلورا الجزء 3
فوبيَا الضّوء  
بَعْدَمَا احْتَلَّ الجُدرَانَ الأَربَعَةَ في قلبي وسَقفًا نديًّا يرشحُ بصدقِ مشاعري
مَاتَ قَبلَ ولادتي بينَ يَديهِ
لَكِنَّهُ ما زَالَ يَأتيني كُلَّ يومٍ كشبحٍ تموزيّ من زمنٍ عَشْتاريّ يحملُ أشواقَهُ حَفْنَةَ اِنتصاراتٍ يسألُ بُرُودَةَ أنفاسي
سريراً مُريحًا لهزيمتِهِ
يتقافَزُ عليهِ أطفالُ الشَّمسِ وَارْتِعَاشَةُ أطرافي ...
دفئًا في وسادةٍ يُثَرثِرُ قُطنُها بأساطيرِ الأحلام.

(2)
أحاسيس مغتربة 
ينتابني إحساسٌ غريبٌ شَبِيهٌ بالعطفِ على ملامحَ بلا عينين اِرتَشَفَتْ جُرعاتٍ هائلةً من أنينِ جَوارحَ بَكَتْ قيظَها أنهارًا متدفقةً من أمواجِ العذاب تُطَهِّرُ بحورَ الكونِ من طَعمِ المِلحِ إحساسٌ شرَّدني في وَحشَةِ صحراءٍ تعيشُ سُباتَ الأحلامِ كجثةٍ هامدةٍ أُواسي بُكْمَ اليَمَام !! 
(3)
خِدر الضوء
بُرُودَةٌ تسربَتْ إلى مَسامي
كخَدَرِ ضَوءٍ حزين حين تُشرُفُ الشَّمسُ على المَغْيبِ فَاهْتَزَّتْ كأسُ الوجعِ على شفاهِ الذّكرى جرحُ الصَّمتِ في حنجرةِ الوجدان ترقرقَ النَّزفُ في قلبي مَنَحتهُ ابْتِسَامَةً بِحَجمِ مدى
قُلتُ :  حان الآن وَقتُ صَلاتي وأدرتُ قلبي لصهيلِ نداءٍ يستجدي الرأفةَ في أعماقي تعكزتُ على قدمينِ مُتَرنِحتيْن وقفتُ كَنَجمةٍ ألتقطُ أنفاسَ الضوء
 
ثُمَّ مشيتُ كصَنَمٍ ثَلجِيٍّ 
خَرَجتُ
وقَفَلتُ بابَ الحنينِ ورائي
4
يا مَطَر
إنهمِرْ على جُذُورِ طِفْلةٍ نَبَتَتْ في رَوضِ السُّطور شفتاها البَربَريتان عَطْشَى لكأسٍ مِن ينابيعِ الحروف أريجُها زَبَرجَدٌ تعشقُه بَتلاتٌ تُحيي الـروحَ تُزْهِرُ مع كُلِّ حرفٍ لحنًا شقيًّا يُطْرِبُ الشُّجون

(5)
يأتي كضوء
يأتي كضوءِ وجدٍ يَسبـحُ همسًا داخل صدري
قال :"حُبُّكِ أجملُ حُبٍّ سيدتي ،
لكنَّه قاتلي"  
قلت : سآتي كاللَيْلَكِ في لَيْلَتَكَ سِرًّا   وأُغَنِّي سِرًّا أَودَعْتُهُ فوقَ مشاعرِكَ اليابسةِ
أطبعُهُ كِتَابًا
يَتلُوكَ هُيامي
ثُمَّ أَحُومُ كحمامةِ سحرٍ حولك أَفُكُّ حِصَاري أرشفُ شفتيك شهدًا يُثْمِلُ إعصاري ومن تناهيدِ ثمارِك أقطفُ أنقَى أنفاسي
وأتوهُ في مَدِّك وجزرِكَ
أَمَّا أيائلُ فتنتي فسَأُطلقُها في مدى جنونٍ يسيلُ من ماءٍ ونار
أُبْحِرُ وأغرقُ بسورَةِ الفَلك خوفاً وفوق جسدِ القصائدِ أُسَبِّحُ بضوءٍ شِعْرِيٍّ
وأَسبَحُ ألوانًا يزدادُ معها عُمْرُ ليلِةٍ
تَتَنَهَّدُ تيهًا يُزَيِّنُ أوزاني

فوبيَا الضّوء الشاعرة فلورا قازان

للأمنِيات حكايا نسجتها الرياح



ملف كتاب فلورا الجزء 3



فوبيَا الضّوء  
بَعْدَمَا احْتَلَّ الجُدرَانَ الأَربَعَةَ في قلبي
وسَقفًا نديًّا يرشحُ بصدقِ مشاعري
مَاتَ قَبلَ ولادتي بينَ يَديهِ
لَكِنَّهُ ما زَالَ يَأتيني كُلَّ يومٍ كشبحٍ تموزيّ
من زمنٍ عَشْتاريّ
يحملُ أشواقَهُ
حَفْنَةَ اِنتصاراتٍ
يسألُ بُرُودَةَ أنفاسي
سريراً مُريحًا لهزيمتِهِ
يتقافَزُ عليهِ أطفالُ الشَّمسِ
وَارْتِعَاشَةُ أطرافي ...
دفئًا في وسادةٍ
يُثَرثِرُ قُطنُها بأساطيرِ الأحلام.


(2)
أحاسيس مغتربة
ينتابني إحساسٌ غريبٌ
شَبِيهٌ بالعطفِ
على ملامحَ بلا عينين
اِرتَشَفَتْ جُرعاتٍ هائلةً
من أنينِ جَوارحَ بَكَتْ قيظَها
أنهارًا متدفقةً من أمواجِ العذاب
تُطَهِّرُ بحورَ الكونِ من طَعمِ المِلحِ
إحساسٌ شرَّدني في وَحشَةِ صحراءٍ
تعيشُ سُباتَ الأحلامِ
كجثةٍ هامدةٍ
أُواسي بُكْمَ اليَمَام !!

(3)
خِدر الضوء
بُرُودَةٌ تسربَتْ إلى مَسامي
كخَدَرِ ضَوءٍ حزين
حين تُشرُفُ الشَّمسُ
على المَغْيبِ
فَاهْتَزَّتْ كأسُ الوجعِ
على شفاهِ الذّكرى
جرحُ الصَّمتِ
في حنجرةِ الوجدان
ترقرقَ النَّزفُ في قلبي
مَنَحتهُ ابْتِسَامَةً بِحَجمِ مدى
قُلتُ :
حان الآن وَقتُ صَلاتي
وأدرتُ قلبي لصهيلِ نداءٍ
يستجدي الرأفةَ في أعماقي
تعكزتُ على قدمينِ مُتَرنِحتيْن
وقفتُ كَنَجمةٍ ألتقطُ أنفاسَ الضوء
 
ثُمَّ مشيتُ كصَنَمٍ ثَلجِيٍّ 
خَرَجتُ
وقَفَلتُ بابَ الحنينِ ورائي

 (4)
يا مَطَر
إنهمِرْ على جُذُورِ طِفْلةٍ نَبَتَتْ في رَوضِ السُّطور
شفتاها البَربَريتان عَطْشَى لكأسٍ مِن ينابيعِ الحروف
أريجُها زَبَرجَدٌ تعشقُه بَتلاتٌ تُحيي الـروحَ
تُزْهِرُ مع كُلِّ حرفٍ لحنًا شقيًّا يُطْرِبُ الشُّجون

(5)
يأتي كضوء
يأتي كضوءِ وجدٍ يَسبـحُ همسًا داخل صدري
قال :"حُبُّكِ أجملُ حُبٍّ سيدتي ،
لكنَّه قاتلي" 
قلت : سآتي كاللَيْلَكِ في لَيْلَتَكَ سِرًّا 
وأُغَنِّي سِرًّا أَودَعْتُهُ فوقَ مشاعرِكَ اليابسةِ
أطبعُهُ كِتَابًا
يَتلُوكَ هُيامي
ثُمَّ أَحُومُ كحمامةِ سحرٍ حولك أَفُكُّ حِصَاري
أرشفُ شفتيك شهدًا يُثْمِلُ إعصاري
ومن تناهيدِ ثمارِك أقطفُ أنقَى أنفاسي
وأتوهُ في مَدِّك وجزرِكَ
أَمَّا أيائلُ فتنتي
فسَأُطلقُها في مدى جنونٍ يسيلُ من ماءٍ ونار
أُبْحِرُ وأغرقُ بسورَةِ الفَلك خوفاً
وفوق جسدِ القصائدِ أُسَبِّحُ بضوءٍ شِعْرِيٍّ
وأَسبَحُ ألوانًا يزدادُ معها عُمْرُ ليلِةٍ
تَتَنَهَّدُ تيهًا يُزَيِّنُ أوزاني

(6)
نبضاتٌ

نبضاتُ قلبٍ
تَخفِقُ التماسًا
تُحَرِضُ صَمتي
لعزفِ الرَّباب
تعالَ إليَّ
لحنًا مُضِيئًا
صوتُك يغريني
ويسحرُ الألبابَ
سأمضي بشغفي
أرسم خلخالاً وأُرَاقِصُ الرِّيحَ
وأُثمِلُ الحكايا
أنا هواكَ
وهواي سيبقى
يُشاكِسُ المطرَ
ويدغدغُ الأقلامَ

7
لا تَستغرِبْ
لا تَستغرِبْ
أنفاسي تُوشِكُ أنْ تتبخَّرَ
تَحرثُ الشّوقَ على أطرافِ الشَّمس
تُحيكُ من جدائلِها وسادةَ دفءٍ
وإزارًا من نارٍ ينتظرُ شتائِكَ المُفْتَرِس

(8)
بيني وبينكَ
بيني و بينك يا وطني الحزين
نجمةٌ كبيرةٌ تبكي دمَ الشهيد
وقمرٌ يغازلُ أحلامَنا على شاطئِ الكرامةِ البعيد
وغيمةٌ مسافرةٌ بأشواقِ الطفولةِ للعيد
بيني وبينك يا وطني الكئيب
كذبةٌ مقدسَةٌ ... وحقيقةٌ غاضِبة
وشمعةٌ خلفَ أسرابِ الوهمِ مُضاءةٌ بِدَمي
كرعشةِ أملٍ ودمعةِ ألمٍ وانْهيارِ قلمٍ
و قصيدةٌ حزينةٌ تجتاحُ الموتَ للسماءِ الهاربة

(9)
ليس للقادمين
ليسَ للقادمينَ
غيرُ اشتهاءِ الرحيل
ليس للصامتينَ
غيرُ انتشاءِ الصهيل
وليس للأرضِ
إلا انتظارُ المطر
مطرٌ
مطرٌ
مَطَرْ
فأين أُصبِحُ كالمطرِ ؟!
 
كالطائرِ الذي لا يخافُ بُندقيَّةَ الصَّيَّاد ؟!
كالأنهارِ التي تَعشقُ زُرقَةَ السَّماءِ
ولا تخشى من سطوةِ المنحدرْ ؟!

(10)
علمتني الحياةُ
علمتني الحياةُ
كيف النهاياتُ تكونُ ابْتِسَامَة
كيف البداياتُ تكونُ اسْتِقَامَة
لذا أتغاضى عَنِ الإسـاءةِ
صدّقوني ، أنا لا أدّعي الحكمةَ
ولستُ تابعةً لأيَّةِ مدرسةٍ فلسفيّهْ
أنا شهقةٌ من أنفاسِ حياتنا اليوميّهْ
إنني امرأةٌ أكثرُ من عاديَّة
قلبي ينبضُ بالحبِّ المطلقِ
أزرعُ شتلاتِهِ أينما حَلَلْتُ وأحيَا على أملِ صُمودِهِ
في وجهِ أعاصيرِ الأيامِ المرعِبَة
وفي كثيرٍ من الأحيانِ أشعرُ بأنَّهُ لا وجودَ له إلا في قلبي
وأحياناً كثيرةً أجدُهُ في ملامحِ كُلِّ إنسانٍ
في كلِّ مكانٍ وكلِّ زمان
كُلُّنا نسألُ : لماذا خُلِقْنَا في هذه الدنيا الأليمَة ؟!
لِمَ نتحملُ هذا العذاب ؟!
وكلنا يظنُّ بأنه وَجَدَ الجواب
و الحقيقةُ هي أننا لم نَصِلْ بَعدُ إلى سَفْحِهِ
ما دُمْنَا لم نُؤمِنْ
(بأن النهايةَ هي البداية )

(11)
حوريَّةُ السماء
لهفةُ المساءِ تغازلُ حوريةَ السماء
وما بين السماءِ والمساءِ شبقُ ارْتِواء
تحت ظلالِ الحلمِ نحاولُ دائماً أن نتنفَّسَ
وإنسكابُ الدمعِ ليس بالضرورةِ مصدرَ الوجع
بل هما الرجاء والأمل يتصدران فرحاً قد يأتي.



(12)
حواسُ الهوى
اِقتحمَتْ أسوارَهُ الشائكة بحوارٍ مِنَ النِّدِّ لِلنِّدِّ
قالتْ :
لقد أطلقتُ الفصاحةَ في دواوين النّدى
وشرَّعتُ ملاءة الحرفِ لحواسِ الهَوى
سأَطلي شحوبي لأبدو ذكرى جميلةً
لكن أريدك أن تعلمَ
أنني أحيا ما بين جسدِ خِواءٍ بلا هُوُيَّة
وملوحةَ عينٍ حارقة الدَّمعِ
تُجَندِلَ حزني على أغصانِكَ المُشاغِبة!
لِمَ لا تَشُدُّ ملاءَة الظِّلِّ على جسدِ اللحظةِ المُحْتَرِقة ؟
شَمِّرْ عن سَاعِدِ كبريائِك
لا تَتَمَلمَلْ وخُذْ من رئةِ الدخانِ نفسًا عميقًا
واخْتَرقْ احْتراقِي بشفاهِ الصّمتِ!
لِمَ أستسلم للحصارِ في باطنِ عقل
ثَقَبتُ جدَارَه بمسمارِ الظَّنِ ؟!
وسؤالٌ في تغريدةِ ذهنٍ:
هَلِ القلبُ الذي يُؤنِسُ جمودَك شمسُهُ دافئة ؟
أم هو مجروحُ الهوى بالبردِ ؟
أثارَ غضبَهُ هذا السَّردُ
فَشَخَصَتْ عيناهُ بغضبِ الشوق
اِبتسمَتْ كُلُّ حواسي النرجسيّةِ بمكرٍ
وقالت :
لا تنظُرْ إليَّ بعينٍ آنيةٍ
بَلِ انُظُرْ إليَّ بعينٍ حانيةٍ دون مؤامرة
فما من غطاءٍ دافىءٍ يسعني بَعْدَك
 
وقشعريرةُ الصقيعِ لا تقتلُهُا المُكَابَرة
أريدُ فَقَط التخفيفَ من وطأةِ الحزنِ
هلا أعرتني انتِبَاهَ أنامِلكَ السَّرمدية 
أم أنَّكَ ستتركني أرحلُ مرتديَةً عباءةَ الكآبةِ 
بانتظارِ نبرةِ اللهفةِ المُجندَلةِ
على أعتاب الذكرى ؟!
نَعَمٌ ولا، أم لا ونَعَمْ ؟!

(13)
 اِمتصاص
سأحاول أن أمتصَّ اختِنَاقِي
أترُكُ نافذةً مفتوحةً
لهَمسِكَ بين غفوةٍ وصحو
قل لي
كيفَ تُترجمُ ثقافةَ وَلَهِ العينِ ؟!
 العينُ التي لن تُفرِغَ ذخائرَها
في مهجةِ الضّوء
 
وسأعصرُ شَجَني
و أجعلُ من ضحكتي الكامدةِ المزيفةِ
على مِبسَمِي المضيءِ بالوُدِّ؛
لأقولني وأقولَكَ
حتى يقتنعَ الفجرُ وينبثقَ عطرُ الردِّ

(14)
أُنثى الضّوء
لأنَّني أُنثى الضّوءِ؛
تتنازلُ النجومُ لي عن عَرشِها، 
لأَنَّني أُنثى الفصولِ
تتخاصمُ الغيومُ تهجُرُ بعضَها
وتعودُ إلى أحضاني!  
لأنني أُنثى النبوءةِ ؛
ينسى الشتاءُ
تراتيلَهُ الصاخبة
في مِدفأةِ صدري
لأنني أنثى المحبَّةِ؛
أسامحُ كُلَّ من تفانى
في تمزيقِ مشاعري
وأوصالِ قَصائِدي.

(15)
صباحيَ مجنونٌ
اليومَ صباحيَ مجنونٌ ؛
لذا سأُفضفضُ بكُلِّ ما تَخْتَلِجُ به الشجون،
هل يا تُرَى نستطيعُ
أن نختزلَ من دمائنا همهماتٍ من الحروفِ
نزفَتْ آهاتِ القلب
سبع سنواتٍ في ركنِ الغرامِ والجنون ؟!
لا تستغربوا
الحديثُ معي لا يتنهي
ما دام النبضُ متجمّهرًا حول خاصرتي!

(16)
باسمِ النّونِ
يُبَسْمِلُ النُّونَ على أوتارٍ مِنَ الجنونِ
أنغامًا شقيّةً تدوزنُ عشقي لقصائدي
يا أيها النبضُ الحزينُ المتموّسقُ بكلّي
لا تَنتَحِب؛
أشجانُكَ؛ شمسٌ في ذاكرتي
تأبى الغروب،
وحقوقُ الطَّبعِ لدى قلبي محفوظة
أتعرف مِنْ بعد
ماذا يعني المَطر،
ولِمَ تبدو السماء كأنها متكسِّرة
وفي تلك الغيمة تجلسُ
امرأةَ الفصول  
التي تبلَّلت بها النبؤة ؟!
أتعرف مِنْ بعد
ماذا يعني الوَلَهُ ؟
إنها النيرانَ المتأجِّجةَ
في آلافِ النجوم
لِمَ الحبُّ لا يجد مضجعًا
إلاَّ في حضن أنثى الجنون ؟!
أيُعقَلُ أن تكون وحدَك
دفءَ الشعورِ، ولم تَعلَم ؟!
أوهَل تريدُ أن تعرفَ أكثرْ ؟ !

(17)
تَحَرُّر
عاريةٌ حتى الفجرِ
لسْتُ بحاجةٍ إلاَّ لنافورةِ سماءٍ
تُمطِرُني بالحبِّ
أَرقُصُ تحتَها حتى الفَجْرِ
وعيناك مِعطَفٌ يغمُرني بالدِّفءِ
وإذا ما جَنّ الصبحُ وحيدًا
ظَهَرتُ وأسلَمْتُ ذَنْبي للضّوءِ!

(18)
مِسبحةُ النجوم
أَشعُرُ بأنني تائهةٌ
في جزيرةٍ منسيّة
لا أَرْقُبُ أملاً أخضرَ
ولا حُلماً نائمًا
أَعُدُّ نجومَ الموتِ المُتساقِطةِ
وأشيِّعُ رُوحي في كَفنِ الهُمومِ

(19)
قُدّاس
أَيقِظ الفَجْرَ تَنَشَّقْ ضحكةَ قُرنفلةٍ
حَرِّضْ سنابلَ الصُّبحِ على الرّقصِ
بعدها اخْلَعْ حزنَ الأرضِ
وارتدِ قُدّاسَ النُّورِ

(20)
ضجيجُ الصَّمتِ
بالأمسِ
إشتريتُ دفتراً وقلمًا
لأَكتبكَ بصيغةِ الحُلمِ المفقود
كَحَّلتُ لَهفتي بِحشمةِ السّكونِ
وتركتُ ضفائري على صَفحةِ الماءِ
أرسمُ عَصافيرَك المزروعة في صَدري
وأُلزِمُها الصَّمتِ
على جِيدٍ لم يأبه لانقطاعِ النّغَمِ!

(21)
على صَدرك كَفَني
اِغرسْ نَجمَةً بين الضلوعِ 
أُقَدِّسُ سِرَّها
فكَمْ ذَابَتْ في هواكَ عاشقةً
وكم مِنَ الشوقِ ازدادَ جُرحُها
بِتُّ في مقلتيك لا أخشى موتًا
لأنني أعلمُ أن على صدركِ كفني / ما أجمـلَه لي كَفَنَا /

(22)
اِنتحاب
حبيبي
كلانا لاجىءٌ
ينتحبُ
في أرضِ الخَراب
كلانا رئةٌ مثقوبةٌ
تلهثُ
 
خلفَ السَّراب
كلانا صدرٌ مختنقٌ
يكتمُ
في داخِله نعيقَ الغُراب
كلانا سجناءُ
قيَّدتنا
محاورُ مبهمةٌ
تفاصيلُها صماءُ
كلانا أوجاعٌ
تتعاطى المُهدِّئات
كلانا أغبياءٌ
سيجهضنا الكبرياءُ
من زندِ الحياة
/ هكذا
وَشْوشتني عصافيرُ الصَّباح /
وحُبُّنا للوطن
إجتياحًا وعناقًا
وحدَه البديلُ
لكلِّ التداعيات

(23)
صلاةُ الرَّحيل
مَرَّ الفرحُ كالريحِ أمام شقائها
تَلعثَمَ بالعتمةِ من خَلف ظِلّها
وقفَ مذعوراً أمامَ حضارةِ حزنها
رَبَّتَ هنيهةً على كتفِ فجيعتِها
فابتسَمَتْ قليلاً بغزارةِ دموعِها
توضَّأَ بها وتَلا عليها صَلاةَ الرحيل

(24)
شيءٌ غريبٌ
كلما استيقظَ الفَجرُ
وارتدى عِطرَ الضّوء
نَضَجَتْ ذاكرةُ السَّماء
اِنتزَعَتْ براثنَ الدَّهشةِ من حَيرتي
وَنادتكَ يا سارقَ النّور من عيني

(25)
علموني
عَلَّمُونِي في الطُّفولَهْ
أَنَّ في الصِّدقِ بُطُولَهْ
أَنَّ في الفتنِ الرَّزَايا
  
والوفَا نِعَمٌ جليلَــهْ
أنَّ للأطيارِ عُشًّا
مكسبًا نرجو سبيلَه
أن في الأنهارِ صَفْحًا
أَوْ عياءً بالكهولَهْ

(26)
حوريّة
في مروحةِ الهواءِ أدورُ في مكاني
أُقِيمُ حُوريَّةً في محرابِ مجنونٍ
تَسرَحُ عيناي في كوكبٍ من ضَجَرٍ
هدوءُهُ يقتلني ويَسلُبُنِي عقلي
 
أُسَرِّحُ نَجمَ السهدِ في جدائـلِ شمـسٍ
تهوى تسريحةَ شَعرِي
أفتحُ نـافذةَ الصواب
وأغازلُ فجرًا متعطشًا يذوبُ في مُضاجعةِ ثغري

(27)
حين لَمَحْتُكَ
حين لَمَحْتُكَ صَدَفَةً، صُدْفَة ،
رأيتُ في وجهكَ سَنَا الهلالِ
هِمتُ في سِحرِ هواكَ
كانت عيناكَ أكثر فيضًا 
 
على زورقِ الخيالِ
أبحرتُ هائمةً بحبِّكَ
أَنسجُ الأفقَ
أنشرُ شِراعَ الحُلمِ
 
أهفو للوصال
تفجَّرَتْ مشاعري
والقلبُ باتَ إعصارًا
 
وأَنا كالزلزالِ أتدفقُ
لكنَّني دومًا أقِفُ بين الظلالِ والظلالْ
يَا مَنِ يفْتَرَشُ صدري ربيعًا
ويُزركشُ ثغرَ الشفقِ بقبلاتِ الوَدْقِ
اِغبطْ روحًا كانت تبكي على الأطلال
ودُسَّ في مساماتِ الرياحينَ شذا الأحلام
أَوْقِدْ في حواسِ الياسمينِ
خَدَرَ الدَّلال  مَنطقَ المُحال
وزعزِعْ هدأةَ الوتر في حلقِ الوِصال
أيا حَيرَةً شاردةً
في الفؤاد تمزقُ الأوصالَ
أكنتُ نزوةَ نسيانٍ تعبرُ بها مِنَ الأرق ؟!
يا نَهرَ الدَّانوبِ الذي
لا يَعرفُ مِنَ الإقامةِ غيرَ التَّرحالْ 
تُراقِصُ هيامي وهمًا في سماءِ العشق
سؤالاً وإن لم يَكُن جوابُهُ يحيي الآمال
فهنيئًا لقد فُزتَ
ووهبتني ميراثَ الأرقْ
تعصفُ أشجاني قصائدَ
تهدرُ كالشلال
دماً .. دمعاً .. أوجاعاً
تنزف على أَديمِ الورق


(28)
تُهتُ في عينيكَ
في لونِ عينيكَ لاحَ الصبحُ والشَّفقُ
 
وغابَ عند سما مينائِهِ الأُفقُ
أنا التي تُهتُ في عينيكَ من زمنٍ
 
وعاد يُولَدُ من أنوارها الأَلقُ
أَبحرتُ فيكَ ودربُ الحُبِّ يجرجرني
 
إلىَ النِّهايةِ حتى ضاقتِ الطُّرُقُ
أَشعلَتَ نيرانِ الهوى في كَبدي
 
لا ما عَدَلتَ ... حين تركتَ  القلبَ يحترق!

(29)
وطنٌ بائسٌ
أيُّ ابتسامةٍ ستزور ملامحَنا وتستوطنها ؟!
أيُّ وطنٍ بائسٍ سيحضُننا ويرعانا ويشبُّ بنا ؟!
ونحن نقفُ كالجبابرةِ على هاويةِ المستحيل
كحدِّ الجرحِ في فمِ السيف
وكحدّ الوقتِ في عقاربِ النسيان

(30)
ماذا بعد
قال : "أَرسلتُ لكِ باقةً من الأسئلةِ قبل الغروبِ
وها قَدِ اسِتَيقَظَ القمرُ وتألَّقَ مع سَمَرِ الحروفِ
والفجرُ يصحو مع حُلمِ الشُّروقِ،
فماذا بَعدُ ؟! "
قلتُ: "الأجوبةُ الصادقةُ تزقزقُ على أغصانِ الرّوحِ
يا خيبتي أن لم تستوعبها قبل أن يلوكُها العُصفورُ

(31)
لا شيء مثلي
لا شيء مثلي
تقولُ الرِّيحُ
من شحِّ الضّميرِ
تعالوا تأرجحوا بمتعةٍ مثلي
تحت سقفِ
المصطلحِ اللاوعي
فلا شيءَ مثلي أنيقٌ
لا شيء!
لا شيء مثلي
عنيدٌ
أَكنُسُ من هواء الوطن
إبتساماتِهِ وأوزعها
عَلى الإنحرافِ الخارجي
لا شيءَ مثلي جريء
لا شيء!
لا شيء مثلي
عظيمٌ
أخرجُ من معمعةِ الصَّفيرِ
وكَركَرةِ الصغيرِ
أسلخُ جلدي العتيقَ
بكلِّ برودةِ أعصابٍ
واستلقي هانئاً
على سرير العصافيرِ
لا شيء مثلي غِرِّيْدٌ
لا شيء!
لا شيء مثلي
 
دائمٌ
راسخٌ في عنقِ الجداول
أغرسُ نواياي الغامضة
في أجواءِ الصيادين
وأمدّهم بشِبَاكِ المستحيل
لا شيء مثلي دقيقٌ
لا شيء!
لا شيء مثلي
خفيفٌ
أُحلِّقُ مع غُربان المفاهيمِ
كتلةً مُبهَمَةً بالمتآمرين
أترُكها مَعْصِيّةً للتاريخ
أُطبُقُ أنفاسي
على غباءِ المُهرِّجين
وهم يرمّمون خرابَ الوطن
من مخلَّفاتِ الأكاذيبِ والتزوير
لا شيء مثلي صَدِيقٌ
لا شيء
لا شيء!
لا شيء مثلي أيها اليأسُ السِّكير!

(32)
عُرس الشَّهيد
تعالَ ، سَرَّحْ شَعرِي كما تحبُّ
وغَرِّدْ على صدري كالعصافير
سأضعُ عِقدَ اللؤلؤِ المَسحور
وأَقطفُ لكَ من عيونِ الفجرِ ...
وَهَج الضّوء
كي لا نضيعَ
تعالَ، نتدحرَجُ كالمجانين
نَهذي ... نرقُصُ على دمِ الشَّهيد
نوقِظُ ضمائرَ الغربانِ المُسافرةِ
في عَتْمَةِ الليل البَهيم
منذ سِفرِ التكويْن
 تَعالَ كي نُغَني ..
ونشيِّعُ أغصانَ الرِّيحِ شرقاً،
جنوباً، شمالاً، غرباً للمستحيل
علَّنا نقطعُ مسافاتنا المجهولةَ
دونَ تشرُّدٍ
زوارقُ الفوضى وصهيلُ السرابِ
من أقدام طفولةٍ
تواكبُ سيقانَ الياسمين في دهاليزِ الجَحيم
وفتاوى تُكفّرنا بالدِّين
تعالَ نَرقُصْ بغوغائيةِ حاكمٍ وسلطانٍ وأمير
على ألحانِ التهديدِ
الترويعِ .. التشكيكِ .. التجويع
التفتيتِ .. التهويل .. التجنيدِ ..
وعلى هديرِ غاراتِ الدولارات
والفولاراتِ والدنانيرِ والتنانير
كي تُبَشّرنا العينُ العاريةُ مِنَ الدَّمعة المالحة
بازدحامِ القبورِ فوق اندلاعِ الحريق
وحين أَنهمرُ تتسعُ ثقوبُ الحقيقةِ
في قلبِ الحزنِ البديع
اُتركني مَعَ غَفوةِ النَّعيم
وأيقِظْ وَهمَ السنابلِ وشهداءَ الرغيف
واعْلِنْ قيامةَ الموتى
على أنقاضِ وطنٍ يَسبحُ في دمِ الربيع!


(33)
يا وطني العربيّ
أيها المتوهجُ بالخيباتِ المتعاقبةِ وساديةِ الطوائف
المتجدِّدة، المتشدِّدة، الهَمجيَّة، القَمعيَّة
أيها المتألقُ بالمصائِبِ الغَزيرة
وإقطاعيي المذاهبِ والطوائف الكَثيرة
أنا فيكَ الحُرّ الأَسير،
المخذولُ كحاضرٍ بلا تاريخْ

(34)
تَساؤل
أخبِرني يا قاتِلي
هل كانَ هواكَ
سِفرًا مِنَ المُتعة
في توراةِ الشرودِ
لتغرسَ في قَلبي
خِنجرَ الفَجيعة
وتَدكَّ أسوارَ العهود؟!
لتتركَ الليلَ شاردًا
يَبحثُ
عن ضَحكةِ النجومِ؟!
يا من قَطَّعْتَ
أوصالي بغَدرِكَ
وشرَّدتَ الرِّيحَ
وأجنحة النُّور،
لِمَ تركتَ
حُلمي الخَصيب
يُزهرُ يانعًا
في أرضِكَ البور
لتتصحّرَ الحواسُ
في جسدي الموؤد دونَ ذُنُوب ؟!

(35)
بوحي
إهدِني من لَيلِكَ قمراً
لأُهديكَ من بَوحِي حرفاً
يُداري الفجرَ برَمَقِ أملٍ 
يُغرقُ لهفتَكَ بثغـرٍ ثَمِلِ

(36)
نبضاتٌ
نبضاتُ قلبٍ
تَخفِقُ التماسًا
تُحَرِضُ صَمتي
لعزفِ الرَّباب
تعالَ إليَّ
لحنًا مُضِيئًا
صوتُك يغريني
ويسحرُ الألبابَ
سأمضي بشغفي
أرسم خلخالاً وأُرَاقِصُ الرِّيحَ
وأُثمِلُ الحكايا
أنا هواكَ
وهواي سيبقى
يُشاكِسُ المطرَ
ويدغدغُ الأقلامَ

(37)
لا تَندَلِق
لا تَندَلِقَ
من شَفَتيَّ
عاشقًا للسكونِ
تعالَ نبتلِعُ
لسانَ الصَّمتِ
دون عجرفةٍ وغرور
نتوضأُ بماءِ قصيدةٍ
تُثْمِلُ لُعابَ الحروفِ
فشهوةُ الغناءِ
في صدرِ السَّماء
تثيرُ أنفاسَ الفضولِ

(38)
اِغراقٌ
لا تَرَشَّ الثُّمَالةَ
على تمرّدِ الوردِ
فالعِطرُ أغرقني
في مسامِ الشوقِ
تعالَ انتَشِلني
من وَجهِ العيد الغافي
لقد هَزمني الغيابُ
و طريقُ الضدِّ

(39)
خطيئةُ الغياب
حرِّرني حبيبي
من خطيئةِ الغياب
وَاجدُلْ لي
مع خيوط الفجر
شمسَ الإيابِ
اِعجنِ الضّوءَ
بماءِ النَّشوةِ
لتتراقصَ المسامُ
واترُكْ نورَ عينيكَ
حُلمًا يَضجُّ
فرحاً في الخَيالِ
فالشوقُ في المُقَلِ
زهرةٌ عطشى
تحتضر ذبولاً
من السُّباتِ
وتلك النّجمةُ الغافية
على جبين العُمرِ
لا تزال رهينةً
في عَتمَةِ السَّرابِ

(40)
إيديولوجيّة الأمل
اِستيقظَ الفَجرُ
يُخفِي فاجعةً
وراءَ قرصِ الشَّمس
يرتدي قناعَ الضّوء
فتزاحَمَت
في المُقَلِ خيوطُ النّارِ
أيها الصامتُ
فوقَ أبراجِ اليأسِ
رويدكَ رويدك
جُرحُ القلب تَصَحّرَ
من كَثرة النزفِ
وطَمَرَ أشجانَهُ
خلفَ أكوامِ سنابِل
من ذكرياتِ الأمسِ
لم يقتنع
بأن كُلَّ ما كان بيننا
من شراهةِ حنين
ليس سوى خُيوط الوَهمِ
أيها الصَّمتُ الكَسيحُ
صَوتُك تسرَّبَ
من ثُقبِ الكبرياء
واقترفَ خطيئةَ سمفونيَّةَ الرِّياح
تاركاً لحنَك المُثير
يوشوشُ آذانَ الضفافِ
يُراقِصُ سيقانَ الصفصافِ
فوق أرصفةِ المُحالِ
كطائرٍ عنيدٍ
لم يَدفِن نِضَالَهُ بَعدُ
فَرَدَ أجنحةَ الأملِ
لمرايا الظِّلِّ
عانقَ أُحجِيَةَ الحُلم
بأحضانِ الكلام
تمتمَ لهفتَهُ عبادةً
في صحوةِ الشوق
اِستَنجدَ الصدى
وأغرقَ هَلعَ الاِنتظار
شهيداً
بين بَحرٍ هائجٍ وإعصار

(41)
ذاتَ لقاء
ذاتَ لقاءٍ
بين هذيانٍ ومَسِّ
قَدَّمَ لهيامي
سبعَ سنابلَ غوايةٍ
تعشقُ صوتَ النار
وثَلجُها يهوى الاِنتحار

(42)
حنينٌ
أُمّي
أَحِنُّ إلى لُقْمَتِك الدَّافئة
وشُربةَ ماءٍ مِنْ حنو يَديكِ
تُطفيء ظمأَ الاشتياقِ إليكِ
أكتبُ لروحكِ الطاهرةِ مزاميرَ حنين
أقاصيصًا عن بُكاءِ روحي
تُصلّي في مَوْقِدِ وَحدَتي الحَزين

(43)
نبوءة المطر
قال لي:
تَرَجَّلِي يا نبــوءةَ المطرِ عن صَهوةِ سُطوري
أَوِ اغْرفِي ثمالةَ الشعرِ من خوابي اشْتياقي
حَرِّضي قوافي الغيمِ على احتضـان أنامـلي
واتركي المجازَ مع نــوارسِ القصيدة يَهــذي

(44)
موائدُ العَطش
قال لي:
لقد استفحل نَهمُ الحلم على موائدَ عطشي
وأشرفَ على صدّ رمقِهِ في ارتواءِ أشعــاري
تعالي يا نبوءةً صوفيةً بتراتيلِ الهوى بـ (تشـريني)
كي لا أَعُدَّ نجومَ الظهيرةِ في ليلِ احتراقي

(45)
شراهةٌ
قال لي:
 
تعالـي تَدَلِّـي من انهمـارِ شَغَفــي
وارتكبي جُـرمَ النبيذِ على شــراهةِ شفتـيّ
لقد يَبِسَتْ أعناقُ الشِّعرِ من عَطَشِ الدوالي
ونَضَجَت عنــاقيدُ اللهفةِ من مطــر قصـائدي

(46)
دهشةٌ
اِلمسْ بكفِّ النَّبيذِ خدَّ الوردِ
وَاغْرِقِ الدهشةَ في خوابي الثَّغرِ
كيّ يَضُجَّ السوسنُ فوق ضفافِ الوجدِ
وَتَثمَلُ القصيدةُ في مهرجان البدرِ

(47)
ألحانُك الشقيَّة
سيدي ، ما دام جوعُكَ يدغدغُ الأنفاسَ
لن أُكممَ ثَغرَ الأحلامِ
دعْ ألحانَك الشقيّة تُخَدِّرُ رئةَ الحواس
ليتراقصَ النَّهدُ على ضفةِ الماء

(48)
أريجُ الياسمين
قالت لَهُ : تَفَتَّحَتْ في الوريدِ ألفُ ياسمينة
ألفٌ أُخرى قطفتُها كي أنثرَها لعينيكَ أريجَ غوايةٍ
قالَ :
لم لا نتخيلُ العالمَ كأنه فراشُ حُبٍّ كبير ؟!
تنهدَتْ ، يممَتْ شطرَ الأفق
اِقتربَ ، ونَقشَ شفاهَهُ على جيدِها قلادة

(49)
قُبلةُ الصَّباح
لا تُثِرْ أنفاسَ السَّماءِ
لنمضِ بشهوتينِ كالبرقِ
اِقتربْ
. وأكثر ..  أكثرَ وأكثرَ
ولننسَ هاجسَ الظمأِ
بشفاهٍ تواقةٍ لرضابِ قبلةٍ
تَشهقُ معها أنفاسُ الصباح

(50)
نشوةُ امرأة
إكراماً لبعثرةِ أنفاسِكَ فوقَ صدري
سألقي قُربَ ثَغرِكَ ياسمينةً تَغلِي
بومضاتِ الحنين
وشوقٍ دفين
يوآزرُ قصائدَ تُرنّمُها نشوتي


(51)
صلاةُ الغَيم
ماكرةٌ تلك السَّحابةُ
تعتلي نوارسُها مفترقِ اللهفة
وعلى قارعةِ الغيم
تشهقُ حِمَمُها أهوالاً
تُنذرُ بإعصارٍ
يعدمُ زنابقَ الأحلامِ العاريةَ
تُسقِطُ شهبًا
فوقَ عويلِ الكَمنجات
تَلتهمُ صَمتَ الأصابعِ الباردةِ
مُتَخفيةً تحتَ مظلَّة المطر
 
ضِدَّ الشُّبهات
تَقرُصُ خدودَ الشَّفق
تُحرِّضُ شفاهَ الغَسَق
تَستنطقُ سُرّةَ الغَدق
تُصلّي للغيمِ
تَبتهلُ للشَّجر
ومن وراءِ سِتار الشَّمس
تُحرضُ الفَجرَ
لِيُقيمَ طَقْسَ التَّوحدِ
مع نضوجِ الثَّمر
لِتقْطفَ النُّور عناقيدَ قصيدة

(52)
يا أنتَ
ممتدةٌ غُربَتي في وجهِ النّداء
هَرولْ بحنانِكَ وَاحتضِنّي دون كبرياء
أمطرني عينيكَ، مُدّني يديكَ
وعلّمني كيف أَقطعُ المسافاتِ ؛
مفاهيمَ الخضوعِ وتباشيرَ الاحتواء
لقد فاقت أشواقي عنانَ السماء !

(53)
مزاميرُ الشّوق
حين كانت الأنفاسُ
على خلجاتِ الشوق تتكئ
كنتَ أنتَ
وحين كانت الأيام
خلف أهدابِ الغيب تختفي
كنتُ أنا
كي يبقى الدَّمعُ
شلالاً بين أهدابِ الغروب
ورحلةِ الشوقِ على أجنحة الشُّجونِ


(54)
سرّ الهوى
يا ضَالِعًـا يا أنتَ في سرّ الهوى
الحبُّ عندي في الضُّلـوعِ يَفوحُ
وهواكَ يـأخذني بِـنهـرِ جنـونه
 
وإليكَ رُوحي يا حبيبُ تَبوحُ
إنّي زرعتُ بأضلعي وَهجَ النّدى
ونَسِيتُ نفسي مِنْ نفسي
إليكَ تَرُوحُ وإليكَ تَبُوحُ
إنّي غدوتُ إلهامًا مولَّهٌ بشِعرٍ جَموحُ
كم ذُبتُ فيكَ وكم تَعَلَّقَ خافقي
وإليّ سارَ الفَرحُ والتَّجرِيحُ
ما عُدتُ أخشى الموتَ إلَّا أنني
أهوى على صدرِ الجنونِ أَسُـوحُ

(55)
عندَليب الغِناء
عَقَدتُ منديلَ البكاءِ
على مِعصمِ الفَرح
هذه اللحظةُ التاريخيّةُ
التي وحَّدتْ الحناجرَ المتخاصِمة
فوق أرضِ الأقداسِ
تعالَ أيها العندليبُ
غرِّدْ بالحنين فوق الحُزن العتيق
فوق التلال المحروقةِ
وخيامِ القَهر المنصوبةِ
منذ وجع السِّتين
لقد هبَّت رياحُ الأملِ
مع فخر التتويج
يا ابنَ التكريم
يا صاحبَ التاج الجليلِ
أيها العسافُ الجميل
هندمْ عطشَ النبوءة
غرِّدْ بلقبِك الجديد
وناشدْ بحقِّ العودة
لقد يَئستْ أنفاسُ الشَّتات
من رقصةِ الموت
على دقَّات عقارب المنفى
 يا سفيرَ النوايا الحسنة
اِرفعْ كفَّكَ الدبلوماسيَّةَ
غرِّدْ حقوقَ الإنسانية
أَنشدْ حبَّ الوطن والحياةِ والربيع
لقد ابتدأ مشوارك
وأولُ خطوة واثقة من الألفِ ميل
صمودُ قضيّةٍ لم ينسَ فلسطين
أيها العسافُ، مباركٌ لك الفوزُ أخذتَهُ بجدارة
من أولِ يومٍ سَمِعتُك فيه
قلتُ : هو هو العسافُ له التتويجُ
لذا أريدك أن تأتي لِتَجلِدَ صَمتي
لتعودَ شفاهي على مأدُبَةِ التغريد
مشتاقةٌ أن أهديك أغنيةً
تُقلَقُ فوبيا الضَّوءِ ودهشةَ الريحِ
تَهزُّ فصاحةَ المطر على ثَغر الينابيع
فتزهو السماءُ على صوتِك العيد

(56)
اِبتكار
قالَ : 
أنتِ ابتكرتِ العشـقَ عِند ضفافِهِ
وتناثرتْ سَكْرَى شفاهُ محابري
قالت :
عطشي أَسقطني فوق ضِفافك
أَرسمُ بأحبـارِ النشـوة خطيئتي
قال :
   أنا الـخطيئة يا حبيبة ليـلتـي
وأنا الذي أحيـا بروحِ نـوادري
قالت :
قديســةٌ أنا يا وجدانَ شواردي
إنْ احترقتَ بقبلتي تتطهَّرُ بغفرانيْ

(57)
عيناك مدينتي
ما بين عينيك ولهفَتي
أرتالُ جيوشٍ من الإغراء
تتزعمها كتائبُ الغَيرة
من أقصى الحواس
مُدجَّجةً بأسلحةِ الشوق
وقذائفَ من الهِيام
مُتحصنةٌ في دمي
ثائرةٌ على كلِّ النساء
تُطلِقُ رشقاتِ الغُنج
بلا رحمةٍ على نهدِ الماء
تُسَطِّرُ ملاحمَ البطولة
والفداءِ في كلِّ الأرجاء
دفاعاً عن حقوقها العادلة
لتتويجها في عرشِ اللقاء
يا مَنْ تتمرُّغُ في شظايا الغياب
شهيدانِ نحن في ثورةِ الكبرياء
ونشيجَان من شوقٍ عارمٍ
يحتضرانِ على سُطورِ الفَناء
يُبارزانِ مسيرةً من العِصيان
تتوافدُ بالشهوة من عيونِ الغرباء
سَارِعْ إلى إحراقِ المسافة
وَاجْمَعْ أشلاءَ الضّوء المُنهَمِر
من قصائدِ عشقٍ سابحةٍ عَكسَ التيّار
قبل أن تهزمنا شفاهٌ مدرّعةٌ
بابتسامات السُّخرية والاستهزاء

(58)
مَدخلُ النَّبض
أنفاسُكَ تُزَركشُ مداخلَ النَّبض
تعلقهُ كأيقونةِ صلاةٍ بين الضلوع 
عابقةً برائحةِ المسك والبخور
فترتوي الروح وَيَنبُتُ السُّجود

(59)
اِستباحة
عَرَجَتْ الرُّوحُ في سردابِ الخُفوق
تفتشُ عن صومعةٍ اختبأت فيها أسرارُ النّور
يا غداً لا تخلُدْ للنوم
عندَ احْتِرَاقِ الشمسِ؛ عند استيقاظِ الفَجْر؛
عند جفافِ البحرِ وهزيمةِ الموج؛
عند استِباحةِ الصَّبر في كَنَفِ الصمتِ؛
المنسوج بِدمِ الحُلم؛ الممسوح بالفجيعة
لا تُرَبِّتْ على كتفِ الوهنْ وتَشُدَّ حَبْلَ الحزن
على ضفافِ ضمائرَ متوعكةٍ؛
عصيّةٍ عن الوعي؛ ترفضُ بِشارةَ المَلَكوت ؛
تكتفي بطقوسِ عتمةٍ تهوى عبادةَ الخضوع .
لا تنهزم أمام سرابِ ثورةٍ متورمةٍ أوردتُها
بحقيقةٍ مؤلمة تَضخُّ في رئتيها سُمَّ القُنوط،
لا تَرضَخْ، لا تكترث، اِضحَكْ من القلبِ في حضارةِ البكاء
على فظاعةِ المشهدِ المصقولِ بأسرابٍ من الشُّهداء
تُشيَّعُ كالملوكِ بإجلالٍ وريبة العِظام
محمولةً على أَكُفِّ أمراءِ الأزمة العربيّة والحُكَّام
بين شراسة الحقد وحِدَّة الخِصام

(60)
آخر الكلام
سيدي ، لا تَقَفْ مَذهُولاً
على حوافِ الدَّهشةِ كالسّكران
لم يأبه ذِهنُ الفجرِ لثرثرةِ عَرَّافة
تعبَثُ بمكرٍ في خطوطِ الفنجان
تعالَ وقَابِلْ أشواقي
عند رصيفِ آخرِ الكلام
وَاجمَعْ أشلاءَ قصائدي
من حـروبِ اللامكان
دَغدِغْ حوافّها بريش الأحلام
طَيِّرْ من أجنحَتها الأوهام
وسافِرْ بالنشوةِ على خاصرةِ الغوى
إلى حدودِ اللازمان ؛
 
قوافي التوتِ في فَمِي مُلحدّةٌ
لا تأبه للغُفران

(61)
جُنونٌ
قال :
تضيعُ مفرداتي حولَ خصرِك
والمطر
وأتوهُ في لفظِ اسْمِي
وفي الجديلةِ!
أنهلُ من عينيك
ملامحي؛
من رقصتكِ
اسمي
ومن جنون الأنوثة
أَرتَشفُ القصيدة
قالت :
يا سيدي ،
إيماءاتُ العطشِ جاحدة
تَفوحُ من أكمامِها تنهيدة
لا شيءَ يرويها
سوى خصوبة شفتيك
تمدَّد فوقَ سنابلي
واسمَعْ نمنماتِ نبضي
شاكِسْ خَصرَ الأنوثة
مَشِّطْ جدائلَ اللهفة
وَاغْرِفْ من عينيّ
نبوءةَ وَجدٍ
تُغردُ في فمِ النشوة
تراقصنا على لحنِ قُبلةٍ
تمضي بنا
حيث يضيع الكون
شهقةً شهقةً
نشربُ نَخبَ الجنونِ
دون أن تضمحِلَّ القصيدة

(62)
فجيعةُ أرضٍ
هذا الصبحُ المتورّدُ بالنور
اِقترفَ ضوؤهُ جُرمَ اليقظة
يرتدي شلالاً من غديرِ القيامة
يزحَفُ على بطنِ الأرضِ المتورمةِ
بخلايا سَرطان العَتمة ؛
يلعنُ الظُّلمَ الموبوء والموتَ المأجور
من صلصال دراماتيكيَّة الحقيقة
حين تجزُّ العُشبَ المُخضوضر بالفَرح
بمناجلَ حادةٍ؛ باستهتارٍ ومكابرة
يصرخُ في الوجوهِ العابثةِ القبيحة
وملامح القبور المزدحمةِ بالقطط الجائعة
وهي تنهش في جثامين الضحايا المُزركشة
برائحةِ شقائقِ النعمانِ المتوغلةِ
في أحشاءِ تربةٍ ملامحُها مبهمةٌ   
   صَكَّ وجهَهُ بكفوفِ الفجيعةِ
وَضَمَّ الفعلَ المجهولَ بفاعلٍ مرفوعٍ
على رياح السكون الخبيثة
التي تجرّ أبناءَ النَّزفِ الواحد
بالكسرةِ الظاهرةِ المُعْلَنةِ
المُسْتَتِرةِ بعباءةِ هلعٍ فاشيِّ
يُسافِر بهم في رحلةٍ طويلة 
وَحْشةُ شعورٍ وعذابٌ داكن
حياةٌ بألوانٍ، لكنها مُحتَرِقَة الصورة!
***
   بكى بحُرقَةٍ الغَفوةِ المنْحوتة
فوق هضابِ القُلوب المتحجِّرةِ
تَأَوَّهَ من خُصوبةِ الصّمتِ والرؤيةِ القاسية
ودار حول نفسِهِ بصبرٍ وحكمةٍ ... ألفَ شِتاءٍ
مُتحايلاً على عذريّةِ الفكرةِ المُحْكَمة
في عقول حاكمين غيرِ حكيمة
جَالَ في طَوَّافَةٍ إلى النورِ يسأله
كيف يمكنه أن يحرضَ أجراسَ الضميرِ ؟
لتقرعَ وتدفعَ بؤسَ المصير
من أعماقِ هذه الأممِ الميتة
وتَقطَعَ كُلَّ الألسنة مِنَ الحناجرِ التكفيريّة
فيتمزقُ وشاح الأحزانِ الداميَةِ 
المُبلَّل بعويل الأُمّهاتِ ودماءِ الشيوخ
بأشلاءِ الأطفالِ المفجوعة
والحجارةِ والأشجارِ والينابيعِ والبحارِ
والأحلامِ؛ وكلّ معاني الضياع

(63)
لحظةٌ تاريخيّة
لا تَخشَ شيئًا
فَمَا حَصَلَ بيننا
ليس أبعدَ من مناورةٍ ،
ما رأيك أن نعودَ ونُبحرَ مجدَّدًا 
كي نتلمسَ حلاً
يليقُ بِنا
وتكونَ لحظة تاريخيّة
نستكشِفُ فيها
مُتعةَ المعركة!؟

(64)
تفاصيلُ خرافةٍ 
أخبِرني
هل هذه أنا ؟!
أم هي تفاصيلُ مرآةٍ
فوق جدارِ الليل
تُعيدُ صياغةَ
خرافةِ أسطورةٍ
تهوى نبشَ قبورِ الويل!؟
 ***
وصيتي لكَ
أنْ لا تجعلَ قصائدَكَ
في كفيِّ كبش مَحْرَقَة
اِرحَلْ بخفّةٍ كاللصِّ
على رؤوسِ أقدامِ الورق
ولا تَفتَحْ أمامَ الفجرِ
دفتر الذكريات
قد تَراني
/ في كُلِّ صفحةٍ فيها
في كُلِّ همسةٍ
وندى شهقةٍ /
نجمةً مُضيئةً
في سماءِ أشعارِكَ
وضفائري الشَّمس
على كلِّ الأسطر مجدولةٌ
يا مَنْ أثمَلَني
بحشـرجاتِ العـناقِ
وعلَّمَني أن أَقرأ يوميًّا
سورةَ العشاقِ
لا تتبرعْ باليقينِ
على ضفافِ المُحال
لا ترتشف جنوني
من كؤوسِ الموّال

(65)
اِبحار
قالَ لي ذاتَ دهشةٍ :
"حينما قرأتُ تلك العينينِ،
أَبحرَتْ قصائدي بمواكبِ الجنونِ
مفتونةً بِسحرِ البنَفْسَج!"

(66)
غوغائيّة
أيها الفَجْرُ
ملامحُكَ الجائعةُ تؤرّقني
لا تلتفِتْ لغوغائيّةِ مرآتي
والسُّمرة الشامخةِ على جَسدي
اُنظُرْ لغلالتي البيضاءِ الشَّاحِبة
وغثيانِ الشَّمسِ في مَخدَعي
بعد أن أطفَأَتها بُرُودةُ أطرافي ؟!
أيها الأفقُ الصامتُ، أخبرني
لِمَ النسيانُ لا يُبَطِّنُ وسادتي؟!
ولِمَ أسئلتي الحَيرى
في برجِ العقلِ في رقصٍ تَهذي ؟!
والأجوبة المُرتعشة
في حنجرة المنطق تستعصِي؟!
يا بيلسانَ العُمرِ
كفكِفْ رياحَ الذكرى عن حُجرَتي
هَروُلْ مسرعاً نحو نجمةِ اللازورد
أخبِرها عن صَهيلِ العَتمة في ضفائري
لقدِ انْسَلَّ الضوءُ من بين أصابعي
والحزنُ الحريريّ صوتُ حلمٍ يطرقُ أُذني
تكوَّم في الأقدار الخاوية وكَفِّنّي.

(67)
شفاهُ العَبير
اِستيقظَ الحُلمُ ضاحكاً
على سقسقاتِ العصَافير
  تَوَضَّأَ برحيقِ الشَّفَق
وَارْتَشَفَ شفاهَ العَبير
تنفسَّ بعمقٍ
تلمَّسَ بأصابعِ النّورِ
السُّباتَ في عينيهِ
رأى عيونَ الفَجْرِ
تُشرِقُ بالهوى العتيقِ
فسكَبَ دمعتين
على صوتِكَ المُبلَّلِ بالرَّحِيل
  يا من أَنْهَكَ
كُلَّ نبوءاتِ المَطر
وسطا على
ضَحِكاتِ النّخيلِ
أذهلتَ
ضفائرَ الشّمسِ
بربيعٍ أخضرَ يُمجِّدُ
هذا السُّكون الجَليلُ
 ***
يا مَنْ أشعَلَ
في صدري
قناديلَ العويلِ
تفاصيلُكَ المزروعةُ
في دمي
أزهَرَت الفجيعة
في قلبي الكَسيرِ
تفوحُ من مَساماتي
موسيقى صاخبةً
تتنهَّدُ بالحنينِ.
***
اِخلَعِي أيتها الريحُ
مسافاتِ النَّوم
واغتسِلْ يا غيمُ
بماءِ الشوق
لقد جَفَّ البَحرُ
بطقوسِ الصَّومِ
وافتَرشَتِ الحَواسُ
نكبَةَ الموجِ. 

(68)
المِجذافُ
اليومَ
كان مِجذافي بلا قارب
لا البحر قَبِلَني
ورفَضني الرّملُ والشاطىء
أحتاجُكَ أن تلوذَ بعينيّ
ريفيًّا ..ساحرًا .. بحّارًا
تَنقَعُ غَجَريّتي بِماءِ اليقين
تنفضُ غبارَ الشّوق والأنين
وتُبحِرُ بي بعيداً عن الحنين!

(69)
شريان الضّوء
لنْ أمزقَ شريانَ الضوءِ بمِبضَعِ الأصابع
سأقطِّبُ شَفَتيَّ بخيوطِ الفَجْرِ
وأبتهلُ بوجدانِ الشّمسِ للمطر
لأُلملمَ من قلبي بقايا حُلمٍ لا يزالُ
في الحُلمِ يُصارع

(70)
قناديلٌ من سَراب
 
يا مَنْ تأمرتَ على أهدابي
برِمشِ الملاوعةِ،
لا تراودني الرَّغبةُ
بشعورِ الدَّهشةِ
على سفوحِ حواسِك.
  يا تاريخًا من الوجعِ
 قَبلَ خروجي إلى مواعيدِ الرّيح
 
يا غِلافاً وَهَّاجاً
تَصَفَّحْتُهُ قبل أن أمارسَ مواثيقَ الضوء
وأَغرقني في مُعتركِ مساماتٍ تُغري لسانَ الصَّوم
أمارسُ طقوسَ (الشيطنة) حول مصابيحِ الغواية دون لومٍ
ودون أن أستنكرَ احْتِرَاِقي في مواقدِ الرغبةِ ولهيبِ الجوّ
إكراماً للعواصفِ العشقيّة
 
أخبرني كيف تأمرتَ مع رقّةِ شفاهي المكتنزة  
كيّ ترسلني إلى شرايينك السريّةِ
وترسمَ على ملامحي سحاباتِ الأنوثة ؟!
 أخبرني كيف تأمرتَ مع أبناءِ الغيم  
لترشدني إلى أهوالِ المطر
فأذوبُ مُبتلَّةً بثَغرِ الشَّفقِ
عاشقةً ثَمِلَةً بأهواءِ الخَمرِ ؟!
 
أخبرني كيف تأمرتَ
مع صَهيل البرقِ والرعدِ والبَحر
لتجعلني كسفينةٍ  تهوي وسط عواصفِكَ؟!
تَتقاذَفني أمواجُك الهوجاءُ على شطآنِ عارية
لأطالبكَ بدفءِ الاحتِواء  
 
يا من أدهشَ ضفائري وتَوَّجَني بغيظِ النِّساء
اِحمِلْ حقائبَ اللهفةِ وسواعدَ المتعةِ بِازْدِاَرءٍ
وَاذعِنْ للفَرار
بين ربوع القَرار
  فَأطرافُ دهشَتِي باقةُ ليلِكٍ ثَكلى
توحَّدَتْ بملامحِ الشمس
تجتَرُّ الجَفافَ
تَفُكُّ طلاسِمَ العنَّاب
تزدحمُ بصمتِ النّدى
قنديلٌ أنا مِنْ سَراب.

(71)
الوِسَادة
أُحِبُكَ أنَ تعلم
أّنِّي لن أسقطَ في محيطكَ قطرةَ ظمإٍ
ولن أفرش لك صدري وِسَادةَ شجنْ

(72)
إِفتتاح
اِفتتحَ الليلُ مراسِمَ الشوقِ والهيام
وتأهبتِ النجومُ تُطـرِّزُ وشاحَ الأحلام
وأنا على شُرفةِ السُّهدِ أُرنِّمُ الأوهام
وبأناملي المرتعشةِ أَهُزُّ عرشَ الأقلام
فيقدمُ لي القمرُ قصيدةَ أشجانِه وينام!

(73)
أطيارُ السَّراب
ليتنـا نسمـو بأحلامِ الشَّبابِ
 
كي تموجَ الأرضُ في لونِ السَّحابِ
إنما الدنيا حياةٌ مَرةً
  لِنَعِشْهَا رغمَ آلامِ العذابِ
وتنعّمْ ؛ فإنَّ الهوى لحنُ أهواءِ
  كـي تغنّي كُلُّ أطيارِ السَّرابِ
إنَّ الموتَ جزاءٌ قاصمٌ
 
رشَّ بالأنفاس ذراتِ التراب!

(74)
مُناجَاة
مُدَّ لي كَفَّيكَ من عرشِ الجمالِ
 كي أُنَاجي النَّجمَ في روحِ السماءِ
جنةٌ أرضي وقلبي شَهقَة
 في دوالي العشقِ تجري في خفاء
إنني أهواكَ بل أهوى أنا
 بوحَ روحِ السِّحر في سِرّ النقاء
فَالْتَمِسْ قلبي وكُنْ لي عاشقًا
وَاقْطِفْ عناقيدي وعَتِّقْ خَمرَتي
  كي تَسيحَ الخَمرُ من ثغرِ الثناءْ.

(75)
مُغَامرة
استيقظَ الفَجْرُ مُغامِراً
وضعَ على جبيني سُنبُلةً
وشوشَ أُذني 
لِمَ النّعمةُ في كفِّكِ
ترسمُ قوافي التاء
على خاصرةِ الصَّمت؟!
لقد وهبتكِ شفاهي
لتقيمي للقصائدِ احتفالاً
على صدرِ الضّوء
يا مَنْ أرهقتِ النونَ
بحواسِ السُّكون
قوسُ قزحِ صَباحيٌّ
يتقافزُ بِخِدرِ اللون!

(76)
حُبٌّ بلونِ الفَناء
كيفَ أُسامِحُ ؟!
بعدما منحتني
حُبًّا بلونِ الفَناءِ
ورَحَلتَ 
وَتَركتَ الحُزنَ
يُسافرُ في عيني
رحلةَ بلاءٍ
كيف أسامحُ ؟! 
وأنا أراكَ تُوزِّعُ
إبتساماتِك الجائعة
على جواري الليل
دون حياءِ
كيف أُسامحُ ؟! 
بعدما حاصرني الضياعُ
وشَهقَتْ آهاتي
رئةُ السَّماء
كيف أُسامحُ 
بعدما قَرَأتْ المرايا
ملامحَ غُربتي
وتمدَّد عُهرُ الألم
على صدري اشْتِهَاءً ؟!
كيف أُسامحُ  
بعدما خرّتْ
أقدامُ الأمنيات
وهي تبحثُ عنكَ
في أوردتي
التي أضحَتْ جرداء؟!
 أخبرني
كيف أُسامحُ ؟!
بعدما مَنحتُكَ صدري
وسادةً ..ملاذاً ..وطناً
ولم أجدك غيرَ
حقيقةٍ منفيَّةٍ
خارج أسواري فداءً
كيف أُسامِحُكَ ؟!
قلّ لي !
بعدما اخْتَفَتْ الحياةُ
وراء دموعِ الألم
وسَحَبَتْ من عباءةِ الذَّاكرة
 آخرَ خيطٍ للأمل
وَاهْتَرَأَ الرداء!

(77)
سَجِّلْ
روحي بحبك يا حبيبي هائمَهْ
 
وطقوسُ عشقِكَ فيَّ تسكنُ قاتمَهْ
دغدِغْ شُعيراتي بهمسِكَ عاشقًا
 
وَاجعَلْ مساماتي بعِطرِكَ نائمَهْ
سجِّلْ على قلبي ودفترِ رهبتي
 
أَني محيطُكَ فيه روحي عائمَهْ
دعني لأُبحرَ في شراعِكَ مَرةً
 
فأنا مددتُ إليكَ كفِّي النَّاعمَهْ
كُنْ لحظتي كيما أكونَ أميرةً
 
لخيامِ شِعْرِك والحروفِ الغائمَهْ


(78)
طُقوس العِشق
مَا أكْثَرَكَ حِيِنَ تُدَغْدغُ أُذُنِي عَاَشِقًا
وَبِطُقُوُسِ الْعِشْقِ تَجْعَلُنِيِ مُضَّرِمَهْ
سَجِّلْ قَلْبِي فِيِ مُحِيِطَاتِكْ هَاَئِمًا
وَدَعْنيِ أُبْحِـرُ بِشِـرَاعِكَ مُغْـرَمَةْ!

(79)
اِنسكابٌ
تعالَ، اِنسَكَبْ من خيالي
قطرة ً فقطرة
كالنّدى
قبلَ أنْ تنصرفَ
قمرًا هاربا ً
من سِحرِي
إلى الضَّجَر
اِقترِبْ
من شفاهِ الشَّجَر
ومواسمِ المطر ْ
وضحكةِ القمر
وَانبعِث ْ
من بينَ أَضلُعي
حلُمًا مُغايرًا
لطقوسِ الهوى
فما زلتُ بجنوني أَنتظِر!

(80)
الظِّل
اِقْتَـرِبْ بِنُوُنِك راَقِصْنِي
وَاعْـزِفْ لَهفَتكَ فيِ آخِـرِ سِـرْدَابٍ مِنْ أضْـلُعِيِ 
فـظِلُّ غِيَاَبِـكَ الْطَوِيِلِ أَخْـرَسَ اَلْتُـوُتَ عَلَى ثَغْرِيِ
وابْتَلَعَ رِيقَهُ الْجُوُرِيِ وَاسْتَشْهَدَ بِحَسْرَتِهُ خُلخَاليِ

(81)
هَوَسٌ
لأنَّكَ تَدَاَرَكتَ هَوَسَـي وَرَتَّبتَ غَجَرِيَّتِي
سَأَتَصَفَّحُ حُقُوُلَ دَهْشتكَ بِشَقَاوَةِ عِطرِي!

(82)
سِفر الرؤى
جَالَ الْهَوَى حَانِقًا فِي سِفرِ الْرُّؤْىَ 
 هبَّ الْخَجَلُ كَالْشُهُبِ يَكشِفُ مَا رَأَى

(83)
شقاءُ الهوى
 اِقترِبْ خطوةً واحدةً للوراء 
 
حين أُغادرُني وأهجو اشتياقي
كم أحبُّ أن أُسَلِّمَكَ ازْدِرَاءٍ
 صاغَهُ لـؤمُ هـواك وأضنـاني
ساقَني حبُّكَ في دروبِ الشقاءِ 
 وكَحَّلَ عيني بدموع أشجاني
يا مَنِ السِّحرُ بينَ كفّيْهِ اِبتداء
اِنتهَتْ رحلتي
 وبكَت قصائدُ الأحلامِ احْتِرَاقِي.

(84)
غجرية
اِستَيقَظَ الصُّبحُ ثملاً
 يتأبَّطُ زِندَ الدوالي
يرتِلُ نبوءةَ النّبيذ
 على خاصرةِ هيامي
فخلعتُ رتابةَ التمنّي
  توضأتُ بماء تعرُّقي
نبذتُ إثمَ أشواقي
لمّا أَنكَرَ جميعَ معابدي
أسكَنتُهُ بِفرَاسَةِ جدائلي
 
في صَومَعَةِ العصيان  
 
جالَ كالمهووسِ في كلِّ تفاصيلي
تَغَرغَرَ بشفاهِ ألفِ امْرَأةٍ غجريّةٍ تَهذي
 
مُعَتَّقَـةٌ بخوابي التوتِ والكرزِ والتَاءٌ
 
مزدحمةٌ بخمورِ العشقِ بلذَّةِ الدهاء
 
هَامَ بالشرودِ على وَجـهِ الغـَسَقِ
 
وخَشَـعَ يُصلّي على نهدِ الشَّفق
فأقَمْتُ للفجرِ قُدَّاسًا
 
يعلنُ التّوبةَ لصيامي
وأهديتُ عينيكَ ركعتين من نوني
لتَعتَرِفَ بإيمانِ نشـوتِكَ في دَمي

(85)
ملامحُ العَودة
كيف تريدونَ للقصيدةِ أنْ تنتهي
وما زالَتْ ملامحُ العودة
مليئةً بالوجوم ؟!
كيف تريدونها أن تنتهي ؟ !
ولم أعبُرَ بَعْدُ نهرَ الأحزانِ
ولم تُشرَّعْ مراكبُ الحُبور
كيف سأُنهيها ؟!
والطغيانُ ثوراتُ جيوشٍ
تسلَّحَتْ برصاصِ الطَّمعِ
بربِّكم أخبروني
كيف ستنتهي
وأرضي المُقدَّسة
تتغرغَرُ بدمائها
وتحتضر
تحت أقدامِ نَجمةِ (داوود)
كيف سأغادرني،
دون أنْ أصلّي قصيدتي؟!
وقلبي طائري بين الأقفاصِ
يزأرُ بين الضلوع ؟!

(86)
قوس قزح
اِتحَدَ الضّوءُ
مع خرافةِ الصّوت
تأفَّفَ الفجرُ
الصرخةَ خَلفَ قوسِ قزح
فتوارتْ الشَّمسُ
تُناشدُ عَرَّافةَ السَّماء
بعدما رَفَعتْ كفّيها
عَنْ وجهي
كي لا تَحجُبَ عني
دهشةَ الحدائق الغَنَّاء
وانطلقَتْ تُحَذِّرُ
البحرَ والبرَّ والأنبياء
مِن ولادةِ فصلٍ خامسٍ
من فصولِ الإغراء.
أيا سيّدي، 
المخاضُ رهينَةٌ شقيّةٌ
تَئِنُّ في رَحِمِ كفّيكَ
فَكُفَّ عن ولاءِك للمُحرَّماتِ
وَاقْطَعْ كَفًّا تَغْرِزُ في أعيُنِنا مِلحَ السُّبات
فَقَدْ بَلَغَتْ مواسمُ الحواسِ
سنَّ الرُّشدِ بالمراهقات
وأرضُكَ العطشى المُترهِلةُ
تكاثرَ فيها القَحطُ
فَمَنْ فَضَّ بكارةَ الجوعِ
كُلُّ نسائهِ فصلٌ في خريفِ النُّبوءةِ
وآنَ ...
أوانُ  
ولادةُ قديسةِ الشهقات!

(87)
هامشُ الفِكرة
على هامشِ الفِكرة
نشأَتْ اللهفةُ
في عينيْهِ المُتَجهِّمتين
رَمَقَني بمَعْمَعةِ الماضي
والحكايا التائبة
وحَشَرَ ملامحي الهائِمةَ
في مرآةِ الخطيئة
تاركًا مشاعري الجيّاشةَ
على حافَةِ الهاوية
قديسٌ متثاقلُ الهوى
اِشتاق لطقوسٍ معتّقةٍ
ليسكبَ أقداحَ الرّغبةِ
على نَهدِ ماءٍ
يرشقُ خمرَ الشقاوةِ
يبشِّرُ بنبوءةِ زنبقةٍ زائفَهْ
تَنْفَعِلُ أصابعُهُ البوهيميّةُ
بـألوانٍ جريئةِ اللهجَة
هَالَهُ الصوتُ المؤنِّبُ
فَارْتَدَّ هلعًا 
وجَرَشَ فَروَةَ القصيدة

(88)
تَسَلُل
خيطٌ من الضوء تَسلَّلَ
بالذكرى من نافذةِ الفَجْر
لتغرقني الشَّمسُ
في بحارِ أشعتها العَسجَديّة
تضيءُ الذِّهنَ المُزدحم
بحُلكَةِ التساؤلات
ثمّة لون مجروح
لا يزال ينزفُ سِرًّا
من وحيِّ مَا مَلَّ
البحثِ عن الإجابات
يا سابِحًا عكسَ الرِّيحِ ،
ملوحةُ الدمعِ في عيني أسفٌ
يسترسلُ ما بينَ الشَّفقين ِ
يملأُ أعماقَ الحَدَقاتِ
مُستهتِرًا بالمُناجاة
وفوضى الخَراب
تهالكتَ من الشّكوى
وما زالت عيناكَ
خارج المدار تلمعانِ بالنزوات
والشاهدُ بحرٌ هائجٌ
في صَدري مِنَ الّلوعات
قِفْ عندك
لمَلِم النّجوم مِن على كَتِفِ الليل
بأصابع ماكرةَ الَّلهَفات
واجُدُلْها قصيدةً شاحبةً
لضفائرَ مخمليّةٍ بالخيبات
لقد أينَعَتِ الحَواسُ
بالفصلِ الخَامِسِ من غدرِكَ
وارتوَت المشاعرُ فوقَ الهِضابِ
من ماءِ جَهلِكَ
وهبَّ القلبُ يحصُدُ
مواسمَ الرثاءِ لحماقَتِكَ
لتتساقطَ منه عناقيدُ الألم
الناضجةُ بحسراتِ فجيعَتك
يا سيّدي،  لا تقرَأْ مُجدَّدًا
لحوريةِ البحر سُوَرَ الغُواية
لقد تسمَّرَتِ الدَّهشةُ الحَمراءُ
تعويذةً في مُقلِ المسافاتِ
وباتَ الغيابُ خلخالاً في سَاقيْ
يكرهُ التنزّهَ على أرصفَةِ الدَّهَشات

(89)
ترانيمُ الفَجْر
لا تَلُمْنِي
ما زِلْتُ متكئةً على كتفِ الشَّفَق
أنصتُ بشغفٍ لترانيمِ الفَجْرِ
أنظرُ بعينِ التفاؤلِ
أُشاكسُ البحرَ
أُغنّي للشِّعرِ
لأُثيرَ الدَّهشة في عينيهِ
وتَعشَوشَبَ أرصفةُ العُمر.
 (90)
ينابيعُ السَّماء
حينما غَمَرتَ حبّي
بحِضنِكَ المُترَع
تفجَّرتْ
ينابيعُ السَّماء
وارتوَتْ
زنابقُ الحُقولِ
فأزهَرَت الدُّنيا في عيني
 وأخذت
تتدَفَّقُ بالرحيقِ
من ثَغرِ الشّعورِ
فارتَشَفتُ
من حَلَمَتي النَّهرِ
خموراً معتقةً
تُثمِلُ البَحرَ
بإعصارِ النّهودِ
فَرَسًا تَهْنأُ
على خَصري
هادئًا مُنكفئًا
بلا شجونِ
أخبرني يا قاتلِي،
هل كان هواكَ
سِفراً من المتعةِ
في توراةِ الشرودِ
لتغرسَ في قلبي
خنجرَ الفجيعةِ
وتدكَّ أسوارَ العهود
لتتركَ الليلَ شارداً
يبحَثُ
عن ضحكةِ النجوم
يا من قَطَّعْتَ
أوصالي بغدرك
وشرّدتَ الريحَ
لأجنحَةِ النورِ
لم تركتَ
حلمي الخصبَ
يزهر يانعاً
في أرضِكَ البور ؟!
لتتصَحَّرَ الحواسُ
في جسدي الموؤد ؟! (هذه الجُمَل مكررة)

(91)
أجنحةُ الريح
قُلّ لي أيُّها الفَجْر 
 أَمثلي أنت تهربُ على أجنحةِ الريحِ لتنسى؟!
أما زِلتَ لا تشعرَ بإمانٍ معي
 وتَخطو كما أخطو في دربِ الخَطَر؟!
هل لصمتِكَ الحزينِ تراتيلُ تشدُو عذوبةَ الألحان ؟!
أَيْنُكَ أنت؟!
هل تُهتَ معي دهراً في صلصالِ الدّوائر؟
وتلاشى ضوؤكَ خوفاً في حُلكةِ الحاضِر؟
أم أنكَ عنيدٌ تهزّ جذورَ الشَّمسِ وتُكابِر ؟
تُطيِّرُ لي سربًا من الحمام سِرًّا وتُجاهِر ؟
أينكَ أنت ؟!
أَيْنِي ؟!
أخبرني
طَمْئِنْ فصولَ الحواسِ عنّي
عن توقيتِ حَصادِ المواسم. 

(92)
إفتراسٌ
اِشتاطَ غيظًا
انتَصَبَ عاريًا من إنسانيتِه
وبنبرةٍ قاسِيَة زَمجرَ غضبًا
ورمى على حواسِهِ يمينَ الطلاقِ
  انْقَضَّ عليها يفترسُ براءةَ حُبِّها كالغول
وحينَ انتَهَى تركها كقطعةِ خردةٍ دَمَغَها الذُّبُـول
خَدِرَةً ما زالت تتكىءُ على فجيعتها كتمثالٍ مِنْ جَليد
تستُرُ صقيعَ الزمنِ بمعطفِ الحزنِ وتُجهِشُ بالذُّهول

(93)
لغةُ الجُنون
رأيتُ دهشَتَهُ ... حَلَّقْتُ للأفقِ
فعلمتُ بأنَّ الحزنَ في عيوني يُبهِرُه
وَأَنَّ الجنونَ من أعذبِ مـا تنصهرُ به آثامُهُ
للغةِ الجنـون ألقٌ في سَماءِ العِشقِ. 

(94)
شياطين العنَّاب
في ليلٍ كَسيحٍ 
كَتبتَني قصيدةً غانية
بملء جنونِكَ وافتَخَرت
وعلى سريرك المُتخَمِ
نذرتُ عِفَّةَ جسدي
شغفًا لشياطينِ العنَّاب
منحْتُ حواسي العَطشى
لِقِدِّيْسيْ عينيك أضحيةً
لتتَدَفَّقَ في شراييني
أجيالٌ من الرَّغبة
أخبرني الآن 
بما أسرَّتْ لك مآذنُ الخيبة
بعد سَفَرِ الجرحِ
في سواقي الماءِ المالحة
على أيَّةِ وسادةٍ تتكِئُ ؟
وعلى أيِّةِ كتفٍ تتعكزُ ؟
بالله عليكَ سيدي،
أكنتَ ملاكاً أم ساحِرًا
حين زلزَلتَ السماءَ بقَسمِكَ
وحبّي للموتِ توعَّدتَ
حتى انْشَقَّ الفضاءُ
من تناهيدِ السَّراب
وغَشِيَتِ العينَ
غمامةٌ وثنيَّة ؟!

(95)
اِستنفارٌ
لم يَسأَلْني
البحرُ لأُثيرَ جَزرَهُ
لَم يَدعونِي لمدِّهِ بأقدامي العارية
بل تواطأَ مع جدائلي وحاكَ إعصارًا لسكونه
فَاسْتُنِفِرَ الموجُ بكُلِّ أناقَتِهِ يوشوشني بأني له حوريَّة
وسَقَطَتْ الشَّمسُ على جسدي مغشيًّا عليها لأحترق


(96)
غيبوبةُ المَسافة
اِلْتَقِ بي هذا الصبحَ
مع غيبوبةِ المسافة
واقْطِفْ من صدري
مواسمَ الحنينِ والمتاهة
وازْرَعْ نسائمَكَ النَّدِيَّةَ
على خِصرِ الدَّلالِ
لتشدو بلابلُ الرُّوحِ
على رَحابةِ التِّلال
يَغرقَ ثغرُ المدى
بأنفاسِ المُحالِ
فَيُشرِقُ جَبينُ الأُفق
بقُطُوفِ النَّدَى
وتَتَبَخْتَرُ سيقانُ الربيع
بخُلخَالِ الهوى
ويتراقصَ لحنُ النّهرِ والبحرِ
على وَقعِ غَجَرِيَّةٍ
تَرقُصُ رَقصَةَ اشْتِهاء
والقصيدة تمارسُ الاحتفاء



(97)
ترجمة
يا سيّدي
هذا الفجرُ تَسَلّلَ بالضَّوء
إلى وكرِ قَصائدَ
تنهمرُ مِنْ بينِ أناملِكَ
تُهدِي الشَّمسَ قُدَّاسًا
قرابينُهُ الصَّباحاتُ المَخْمورةُ
تترجمُ لُغَاتِ الهوى
بشراسةِ امرأةٍ غجريَّة
تُلَقِّنُ الرِّيحَ والنَّسيمَ
أصولَ الهُبوبِ والثورة
هل لكَ أنْ تأخذَ
لنونِكَ هُدنَةً ؟
وتكفَّ عن هَرولَتِكَ
خلفَ الظلِّ ؟
تنظرُ للحظةٍ في مُقْلَتيها
تقرأُ تميمَةَ الشَّوقِ لحُلُمِهَا
الذي اشْتَاقَ ولادةً قيصريَّة
يضجُّ بالحريَّةِ من رحمِ الصّمتِ
   ليزغردَ بالقرنفُلِ على فمِ فراشَةٍ
تُغازِلُ عِشقَ اللونِ
في قوسِ قُزَحِ القوافي بمهارةٍ
تُصَرِّحُ بوثيقةِ العُمرِ السِّريَّةِ
تلكَ التي خُتِمَت قبلَ زمنِ الطُّوفانِ
بأنَّ ميلادَها لم ولنْ يكونَ
إلاَّ بينَ كُفوفِكَ المُزدَهرة
تاءُهَا تَفوحُ بالبنفسج
على نهدِ النَّهرِ
حين يترجمُ خَدَّها النَّدى
ويعبثُ في نُضوجِ ثَغرِها الهوى
لا تُمزِّق الوقتَ دونَ إيمانِكَ
بصلصالِ شياطينِكَ 
قديسةٌ هي
في مَعْبَدِ عَينيكَ
ما زالت تهذِي
على شطآنِك العارية
تمارسُ طقوسَ الصَّومِ
عبادةً لغديرِ العنَّابِ والخَمرِ
وصلاةُ الشَّغفِ ....
معاركَ تُثمِلُ أنامِلَهَا
وهي تسقي سنابلَ الاِنتظارِ
لتحصدَ قمحَ المسافةِ بالعناق
وَتُدَوِّنَ الغيابَ في دفترِهَا الرَّماديِّ ... رَمَادًا.


(98)
إكسيرُ المَلَل
لا تَنظُر إليَّ بعينِ الدَّهشةِ
سيظلّ حبّي متأخراً جداً
يقفُ في آخرِ الصَّفِّ
يراقبُ شَغَفَ جُنودِكَ مِنَ النِّساءِ
وجَبروتَ ضَحكَتِكَ الرنّانةِ الباهتة
الشاخصةِ بإكسيرِ المَللِ
أَعصُرُ الغيمَ بأقدامي الحافية
خَمرًا لعطري الغجريِّ الفاخِر
حتى يَبلُغَنِي الدّورُ
فَأَراكَ مُنهكًا بلهفتِكَ الحمراء
ترتمي على صدري قديسًا .. وعَاصِيًا
تَشهَقُ حُبًّا .. تلاوةً ... وإعتذار.

(99)
غفوةُ المُحال
لا فائدةَ
 ما زالت الأسطوانةُ تدورُ
حولَ نفسِهَا
في الفَراغِ
دونَ ملَلٍ
بمكرٍ وإصرارٍ
تَخْتَالُ بثوبِها الأبيضِ
المُطرَّزِ بالتِّيهِ
وغفوةِ المُحَال
بلا كلَلٍ
كحوريَّةٍ خُرافيةٍ
غائبةٍ عن لهفةِ الفارسِ
وعشقِهِ للرقصِ
على ألحانِ التَّاءِ
ولغةِ النّارِ والماءِ
بأنامِل ساحرةٍ غجريَّة.

(100)
إحباطٌ
لا أعرفُ ...
أَشعرُ بالإحباطِ ...
كأنَّ هناكَ
غُرابًا في صدري
لا وزنَ ولا قافيةَ
ولا همسةَ ساحرةَ
دغدغَتْ أُذُنِ الحُلمِ
كي أتبرَّجَ الليلةَ
بنبضِ الغُنْجِ
وأفتَحُ مكامنَ
الثروةِ لقصائدي
أُراقِصُ الأحمرَ
والأخضرَ والزَّهريّ
أُغرِقُ البحرَ نجومًا
أُشاكسُ القَمرَ غمزًا
وأَغمُرُ السَّماءَ نيازكاً
 قِفْ عندك
يا عابرَ سبيلي
ولا تُؤدّي طقوسَ البراءةِ
بعينيكَ الجاحِظَتَين
فَإني بحاجةٍ لفترةِ نَقَاهةٍ
من ضَميرِكَ الغائبِ
أُعْرِبُ أفعالَكَ
 وأًصَحِّحُ ضَمائرَ المتكلِّمِ
لألتقطَ قطعةَ هواءٍ
وأكتبُ عليها
كُلَّ مفَاهِبمِ شَجَني
لأعودَ أُغَنِّي!

(101)
صَرخةُ غَضَب  
وَحَقَّ الحَقُّ
تَفَانُوا
تَجَبَّرُوا
وجَبَّرُوا
جُرحَ الوطنِ
بمِلحِ الإِثمِ
وأَلبَسُوهُ
ثوبَ الحِدادِ ....
.... الموتِ
وحَقَّ الحقُّ
تفاخَروا
تَمادوا
وازدادوا
برشقِ المحبّةِ
والسَّلْمِ بالدَّمِ
وشيّعُوا
أشلاءَ الجُثَثِ
وحَقَّ الحقُّ
تظاهروا
اِستَنكَرُوا
وادحروا
الحياةَ بجُبِّ
القهرِ والهَمِّ
وتبنّوا
عرشَ المُلكِ 
 تَوَحَّشوا
أَجرَمُوا
وسَلُّوا سِيوفَ العتمةِ
أَمروا بقطعِ يَدِ العدلِ
بَعدما سَلَبُوا
من رئةِ العُمر
يقَظةَ الحُلم
دَمَروا
قَتلوا
وشيّعوا لنا
كذبةً همجيّةً
يَعْشَقُها المُحْتلُّ
هَرَبوا بِها ... هَرَبوا بِنا
إلى ضِفافِ النَّارِ
أَحرقوا حضارةَ الشَّمسِ ...
بَنوا أهرامَ الأوهامِ
على جُثَّةِ المستقبلِ
ونثروا رمادَ أجسادِنا
فوق رَهجِ الظِّلالِ
 
***
توضأ يا ابْنَ أُمَّتي
بالدُّموعِ المالحةِ
واحْمِلْ
مِسْبَحَةَ الوطنِ الجريحِ
وبَاشِر صَلاتَك
على هامةِ الخرابِ
على جثثِ الأطفالِ
على كهولةِ الأفكارِ
لا تمشِ كالتَّائِهِ
خلفَ النَّهرِ الكئيبِ
لقدِ اسْتَيقَظَتْ
دهشةُ الموتى
على طقطقاتِ
عظامِها المُخيفِ
صَفَّقَتْ للغروب ِ
مع الغَسَقِ المَهيبِ
وعادت لكفنِها
تبكي آياتٍ مُحكماتٍ
كم هو ثقيلٌ جدًا
هذا الزَّمنُ الورقيّ !!
يا وطني الحزينُ
المتحَضِّرُ 
بثقافةِ الحقدِ
وَاسْتَرَاتِجِيَّةِ الانسحابِ ... الإرهابِ
كم هو رهيبٌ 
هذا الزمنُ الرَّمليُّ
يا وطني الغريبُ
المجبولُ بسيلٍ مِنْ دِّماءٍ
  ونارٍ وطين
يَصُبُّ جَامَ غضَبِهِ
  سمومًا
في البرّ والنَّهرِ 
  والبحرِ والمحيط 
يقتلُ ليُحيي البَشرَ والحَجرَ
والطيرَ الشَّريدِ
بالأقانيمِ الثلاثةِ
المؤمنةِ بالفناءِ
والإحياءِ والوعيد
يقدسُ أسرارَ الإجرامِ
يرفعُ قرابينَ الحياةِ
على مَذبَحِ الموتِ
ويقدِّمُ أبناءَهُ
أُضحِيَةً لأرضٍ خَلتْ
من عشقِ الياسمين !
لا يا وطني الكئيب
لا يا أبناءَ أُمَّةٍ تَشهدُ
بِعصرِ (صلاح الدّين)
  لا لا تستسلموا
لا  لا .....
اِستيقظُوا مِنَ الغَفوةِ
الماتعةِ الماكرةِ
وارفْعَوا أكاليلَ الغَارِ
فوقَ هامَةِ المدينة
وأرضنا المحروقة.

(102)
كلُّ الخوف
يا سيّدي،
لا تشاكِسْ زَبَدَ البحرِ بالهَوسِ
فكُلُّ الخوفِ
أنْ يسلِبَني الصّوتُ
وينهبَ أطرافي الشوقُ
وأغرقَ بالذكرى على هديرِ الموج
فتُمَزِّقُ الَّلهفةُ شِراعَ الصّومِ
ويضيعُ الغُفرانُ في جسدِ الفِردوسِ

(103)
العَاصِفةُ
في مواسمِ اللهفةِ صُـدَفةً تلاقَينـا
كالأَلقِ،كالشَّفقِ،
كالنَّغمِ ... تناغَمنا
على كَتفِ الغيومِ،
بالضمِّ تغامزنا
وفي دائـرةِ الفَقـدِ حُفَاةً تراقَصنا
حتى أغرقنا عَاصفةَ القصيدةِ 
فانْتَصَبَ النُّونُ والتَقَمَ القَمَر! (1)
(1) النُّون: الحوت

(104)
مُراهَقة
يرمقني بنظرةٍ
طلاسمُها مُشَفَّرةٌ
تُغرقني بطقوسِ عيونٍ آثمهْ
ناسفةً أركانَ هَدأتي ولهفتي المُمانِعهْ
لا يدري أنَّ شَقاوتي بَلَغَتْ سِنَّ المُراهقَهْ!

(105)
قيسُ الحَنين
لا يا سيّدي،
لستُ شَمسًا ولا قَمَــرًا
ولستُ قديسةً ولا ملاكًا
أنا امـرأةٌ عـاشقـةٌ
لا أقــلَّ ولا أكثـرَ 
مــا دام قلبُـكَ قَيس الحَنينِ
أطفِىءْ أنفاسَ ليلاكَ مِنَ الأنينِ
أستجدي رِضابَ الأمنياتِ 
ولهفتَكَ القادمةَ من مَرايا الشَّمس.

(106)
مَعَابدُ العِشقِ
ما زال حُلُمِي يُخَبِئُني في مَعَابدِ العشقِ
وصوتُ الشغفِ يُدخِلُني في عراكٍ بربريٍّ
مَعَ انفعالاتِ النبيذِ التي تُلهِبُ منّي أوصالَ الحَنين

(107)
المُعَادلة
لا ترمقني بنظراتك البريئةُ
هذه الليلةَ
كأنكَ تائِهٌ عن تاءٍ غجريَّة
تختلجُ الأزهارُ
في صدرها باللوعةِ
بعدما نما السّوسنُ
فوقَ نَهدِ الماء  
سأَبْسطُ لك طريقَ السُّحبِ بِمعَادَلةٍ
إنْ كنتَ تُريدُ أنْ تُحدِّدَ موقعَهَا من دون مجازفة
هناك
كلمةُ مرورٍ واحدةٌ
أن تقطفَ شياطينَكَ من فَمِهَا
موَّالاً
وتُسرّحه إلى جسدِها
بلا سؤال!

(108)
اِختزال
أتظُنُّ 
إنْ عُدْتَ مرةً ثانيةً
وقُلتَ لي:
"هاتي يديكِ
وعَلِّميني
كيفَ يُخْتَزلُ الهوى في عاشِقينِ،  
أو تعالي 
نامي من جديدٍ
على كَتِفي
لِأرحَلَ عن جنونٍ
في افتراقِ الحاجبينْ"
... سَأُصَدِّقُ ؟!

(109)
عِناق
في غيبوبةِ اللحظاتِ
تَسطيلُ الوَحْدَةُ بالخيالاتِ
تُوقِدُ صَقيعَ المسافاتِ
تطرقُ أُذني بحرارةِ الّلقاءِ
فأسمعُ ضجيجَ الفوضى
في رُكنِ الحواسِ
تزأرُ في عَرينِ الليلِ
بتناهيدِ الأشواقِ
أشبُّ  كاللبؤة
نحو مِقبضِ المُحالِ
أفتَحُ له بابَ العناقِ
لنزهةٍ ربيعيّةٍ
في براري الشفاه
ترافِقُني
حضارةُ الألحانِ
وتهدجاتُ القُبلاتِ
المتنقلة
من زهرةٍ لزهرة
 فتشتعِلُ ذاكرة الحُلمِ
حتى منتصفِ ليلةٍ
تعودُ بي مُهاجِرةً
على أجنحةِ الأوهام
متأبطةً ذراعَ العَدم
فألتقطُ أصابعي المبتورةَ
أعزفُ قصائدَ العنَّابِ
على كماني الممزقةِ أوتارُهُ
وكفُّ الأَرقِ
على خدِّ الورقِ
تُواسي القوافي المتخلفةَ
دون نفاذٍ 
تَقطِفُ إبتسامتي الكاذبة
من قِرطِ الّلوعات.

(110)
الأُحجِية
لا تنظرْ إليَّ بِمكر ٍ
مِنْ خلفِ قناديلِ الضَّجَر
تأبَّطْ كَتِفَ الريحِ
وهَروِلْ إليَّ بِسِحرك
وراء أحجيَةِ الضّباب
وعاكِس المطرَ
اِفعَلْ ما تشاء
وكيفما يشاءُ القَمر
ففي عينيكَ فتنةٌ
تثيرُ ثَورةَ الوردِ
تُوقِظُ شَفَتيَّ
بخمرةِ الأحلام
تُحرِّضُ جَدائلَ الهِيامِ
في مهرجانِ هوى
يَنضُجُ نَهدُ الصَّدى
على جَسدِ الماء
لا تنزلِقْ بغيبوبتي
على أرصفةِ الإعياء
سأطلقُ لهفةَ الساقِ
 تُؤازرُ الخِلخالَ
تراقصُ خِصرَ القصيدةِ بِدَهَاءٍ
تُغرقُ القوافي بلا بسملة ابتداء.

(111)
وحدي
وَحدِي
على مقعدِ المساءِ
أَشربُ نَخبَ التّيهِ
بكأسِ الغياب 
وقافيةُ عينيكَ المتلصِّصَةِ
من خلفِ رُكامِ الأنفاس
تُربِكُ سكونَ النّونِ بالحواسِ
لأتماهى بنبيذِ الهيامِ والآه
وثورةُ شفاهِكَ الهمجيَّةُ
تسرِّحُ خيولَ العِتاب
نحو اِفتعالِ المشاجرات
تُعْرِبُ حرائقَ التأنيث
بهرطقاتِ أصابعِ الماء
تجزمُ أفعالَ الإيابِ
بحذفِ حَرفِ العِلَّةِ
عن خَصرِ قصيدةٍ
تعشقُ عَزفَ النبوءات
لبدويٍّ يثيرُ فُصولَ العِناق
مواسمُهُ شهيّةٌ بالعنَّاب
يُتقِنُ قواعدَ الحَصاد
يضمُّ محصولَ السَّنابل
لِيَنصُبَ قمحَ الشفاه
ويرفعَ تناهيدَ الهِجاء.

(112)
بلقيسُ
اِستَيقظَ شوقُهُ باكرًا
من نافذةِ الفَجر ِ
يسألني 
مَنْ أنتِ؟
اِبتسمْتُ لشفاهِ الشمسِ
وقطفتُ الدّفءَ لعينِ الزَّهرِ
وقُلْتُ: 
أنا حفيدةُ (بِلقِيس) الأسطورةُ
بعضُ الخوفِ
بالصمتِ يُتْرجِمُني
وبعضُ الحَيرة
بالغموضِ تهزّني
حملتُ إحساسي ياقوتًا
كتبتُهُ بأكفِّ الحُلم زُمرّدًا
وما زِلتُ
على سفوحِ قلبِكَ لا أُدرِكُني 
أنا الطفلةُ الشقيّةُ 
التي تكتبُ
شقاوةَ شياطِينك
في باحةِ أوردتي
بحروفٍ من نور
اِغتالها الحَنينُ
حتى آخرِ شهقةِ حبرٍ
فلم تحتضِر مغامراتُك
ولم تترك أشواقي تموت 
أيا سيّدي،
أنا تلك الحوريةُ العاشقةُ
التي أخاطِبُكَ في أحلامي
ولا أسمعُ عَنكَ إلاَّ في رواياتِ جَدَّتِي!!


(113)
كرنَفَال
أيقظني الفَجرُ باكرًا
وأَخذَ يَتَفَحَّصُ مسامَ هَلعي
من سحائبِ ذِكرى
تنهالُ عليِّ
كذئابٍ مفترسةٍ
تُقيمُ احتفالاً
داخل رِئتي
تزأرُ باسمِك
تُوقظُ حُلمِي
من سُبَاتِ التنهيدةِ
تشعلُ غَفوةَ قلبي
بجحيمِ اللهفةِ
فأشهَقُكَ ألفَ شوقٍ
وأُشرِّدُ ظِلِّي الغَافي
على عُشبِ صَدرِك
في مهبِّ الرِّيح
فتهبُّ غيمةٌ شقيّةٌ
تَنهمرُ بأشلائي المُبعثَرة
فوقَ نبوءةِ أصابعك
تُلملِمُها
تُجَمِّـعُها
وترتِّبُهـا
كراهبةٍ متصوِّفة
خاشعةٍ أمامَ مذبحِ قصائدك

(114)
مهرجان بكاءٍ
بعدَ مُنتصفِ الأنينِ
تضرّجَ صَدرُ الشوقِ
بالآهاتِ الجائعةِ
وثمَّةَ مهرجانُ بكاءٍ
ستقيمُه السماءُ المستنفِرَةُ
تعالَ قبل أن تزحفَ الشَّمسُ
إلى مخدعِهَا متشائمةً
عَالجْ لسانَ الغيابِ
بأنسولينِ الحكايا الهاربةِ
وَاحقِنْ رِئَةَ الحنينِ
بجرعاتِ الأحلامِ المتفائلة
فوالله اِشْتاقَتِ الضِّحكةُ
 إلى رؤيةِ قطعِ السُّكَّرِ
على شفاهي المُكْتَنِزة



(115)
مَنْ أنا ؟!
أُحِبُكَ
لأنكَ
أوَّلُ مَنْ صَنْعَ من أحْلاَمِي
عِقْدًا لِنَوْرَسِ الْحُبِّ، أَنْتَ
أَوَّلُ مَنْ نَقْشَ عَلَى كَفّي
نُبُوءَاتِ الْحَرْفِ، أَنْتَ
أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ مِنْ قَصِيدِتي
زغرودةَ نَبِيذٍ، أَنْتَ
النُّبُوءةُ، أَنْتَ
الْمَطَرُ، أَنْتَ
الْغِوايَةُ، أَنْتَ
النَّبِيذُ، أَنْتَ
السَمَرُ والقَمَرُ والشَجَرُ والمَطَرُ والعِطْرُ، أنتَ
هَوَسٌ شَرْقِيٌّ، فَضَّ بَكارَةَ شِفَاهِي، أَنْتَ
أَلَذُّ عَاشِقٍ فَتْحَ للرّغبةِ ثُقْبًا فِي رئتي، أَنْتَ
شَغَفُي .. جُنُونِيِ .. وَثَوْرَةُ جُيوشِ لَهِفَتِي، أَنْتَ
أنفاسُ الْحَيَاةِ، أَنْتَ
 أَنتَ كُلُّ مَا لي
فَأَخْبِرْنِي مِنْ أَنَا ؟!
كَيْ لَا يَضِيعَ صَوْتِي فِي صحراءٍ قَاَحِلة!

(116)
خارج المسافة
مَا زَالَتِ الشَّمسُ
خارجَ مسافةِ الشريانِ
لا تتَمَلَّصْ من قبضَةِ الجِفْنينِ
اِخلَعْ مِعْطَفَكَ الفضفاضَ بـأمانٍ
سَأرتدِيكَ الليلةَ وَأُنجِبَ مِنْكَ إثمينِ بَريئَينِ!!

(117)
بَكارة
مَنْ قَالَ بِأَنَّ بَكارةَ الشَّمسِ
لا تُشبِهُني
ومَنْ قَالَ بِأنَّ نُورَكَ
ليسَ النُّورَ الذي يُزخرِفني
يرسُمُني
يُدفئني
يُغرقني
يَحضُنني
ويُلَملمُ حَصَى العتمَةِ
من أمواجِ مُقَلِي
  
وَمَنْ قَالَ: "إِنَّ شغفَكَ لا يُزهرُ
بقهقهاتِ الزَّنابقِ
على مِبسَمِي
ويُنَفِّضُ غُبَارَ الوَهمِ
عَنْ أَحْلامي
لأَدفِنَ خريفَ أنامِلي
وأغوصَ بخِلجانِ الهوى
كفراشَةِ نُورٍ
ساحرةٍ جائعَةٍ شهيَّةٍ
تَرضَعُ الرَّحيقَ من نُهودِ الزَّهرِ
أُشاكسُ سيقانَ الهوى بالعِطرِ
وأُدَلِّلُ ربيعَ القوافي في قصائِدِي" !

(118)
ما بين المضجعِ ... والمِبضع
مَا بينَ المضجَعِ ...
والمبضَعِ
حَمْلٌ .... وديعٌ
كانَ اسْمُهُ حُلُمًا
يعزفُ على قيثارتِهِ إيمانًا
بوطنٍ يُلْبِسُهُ مَجدًا
لم يسأَلْ شيخَ القَبيلةِ
ولا طفلاً أو عُرفًا
كالأسطورةِ والخرافةِ
تمدّدَ في قَبَسٍ
من نورٍ مُسَالمٍ
ولوّحَ للضبابِ
بوجوهِ الصمودِ مُعَاهِدًا
يكتبُ تاريخَ أُمّةٍ
على جدارِ البلورِ مُجاهِدًا
مَزَّقَتْهُ رياحُ الطوائفِ
فسالَ دَمُهُ على هَديرِ المدافعِ
  طقوسًا للعبادةِ
ورُفِعَتْ جُغْرَافِيَّتُهُ
على مَذبَحِ المجهولِ... فناءً

(119)
ما حَاجَتي ... ؟!
ما حاجةُ صَوتي
للنّاي والكَمَانِ
ورنَّةِ الخلخالِ ؟!
وعيناكَ
لغاتٌ مُرهِقةٌ
تُسافرُ بي
نحو الأهوالِ،
ما حاجتي
لحواسِ الياسمين؟!
وأنت تَسلُبُ
منها النَّدى
تَأسرُ بها
أطيافَ المَدى
تُطلقُهَا صُفَّارةَ إنذارٍ للصَّدى
وتهجرُ حُبَّنَا
إلى ضِفافِ الذِّكرى
ما حاجتي للشَّكوى؟!
وأنتَ أَنا  
قصيدةُ هوى 
قد تَهوي
 ككأسِ القمر
من السماءِ إلى الرخام ؟!

(120)
المُنْحَدَر
هناك في منحدرِ الرَّجْفَةِ
وفرقُ التوقيتِ
ما بين اللهفةِ و الخيبةِ
اِرتبكَتْ أدواتُ الحَواسِ العَشر
تَنَهَّدَتْ بالآهِ
قالَتْ:
إنها سَتُغْرِقُ شِفَاهَهَا
في رغبةِ الَّليلِ 
تمتصُّ شبَقَ النشوةِ
من الحِممِ المشتعلةِ
بعدما تَرسُمُ
ظِلَّكَ المُفْتَرسَ
فوقَ جسدِها
اِقترِبْ
وَافْتَرِسْ شَغَبَ القصيدةِ
وَانْهَشْ شِفَاهَهَا البربريّةَ
لا تَخَفْ
سَتَنَامُ طَويلاً
 في أرضٍ تُدعَى الغيبُوبَة.

(121)
أكانَ حُلمًا ؟!
أعطيتُكَ قلبي الكبير
وجعلتُكَ تلمِسُ أَحاسِيسِي بنعومةِ الربيعِ
أكان حُلمًا أَو مَا شَابَهَ يا صغيري؟!
 
تتركني على ضَفَّةِ الذّكرى
أستنشقُ عِطرَ الحنينِ!

(122)
العَرافة
مَاكِرَةٌ تلكَ العَرَّافَةُ هذا اليومَ
لم تقُلْ لي بأنَّ طيفَكَ الشقِيَّ
سيقطعُ ، لي ، دربَ الياسمينِ بإعصَارٍ
يشدُّ أُذنَ الرَّيحِ
ويهجرُني للمستحيلِ
ليصِلَ جنونُهُ الكونَ
ويطيِّرَ مِنْ فمِي خُرافةُ الصَّومْ!

(123)
اِشتهاءٌ
هذا الصَّباحُ
أَشْتَهِي أَنْ أُبَاغِتَ صدرَكَ
أُقيمُ عليه اِحتفاليَّةَ بكاءٍ
أيها الحبيبُ الأحمقُ 
وَكَفُّكَ الماكرَةُ الشقِيَّةُ تَمتَدُّ
تُسَرِّحُ ضفائري مِنَ الحنينِ
وبالنَّدمِ تَهذِي وتَغرَقُ 
لعَلَّ غباءُ قلبي يستيقظ
من جنونِ حُبِّكَ الأرعن
ويقرأُ عليَّ سُورَةَ الفَلَقْ .

(124)
النِّكاية
نِكَايَةً بالغيابِ أُكَرِّرُهَا
عَبَثًا سيبقى الرقصُ
فوقَ المِقَصِّ والمُشطِ
فالشِعْرُ تُجْدَلُ خُصلَاتِهِ
على أكتافِ لَحني
كالسَّوادِ في عيونِكَ
وكالحُلمِ في وُسَادَتي
نتقاسمُ سطورَها
  على دفترِكَ ؛
وتُحْفَظُ في دفتري! 

(125)
صكُّ غُفران
وشوشتني العُصفُورةُ
بأنَّ زِندَكَ له نكهةُ التفاح
لا تُغلِقْ في وجهي بابَ التَّوبةِ
ففي عناقِكَ صَكُّ الغفْرَانْ!

(126)
مُقَابَلَةٌ
لو كانَ بيديَّكَ سيفٌ ورُمحٌ
يُتَرجِمانَ شَقاوتي ... قصيدةً
ففي عينيكَ ضَعفٌ لا يُقَاوَمْ!


(127)
تأويلٌ
عِنْدَمَا أَسْقِيهِ شِفَاهِي
في كُؤُوسِ النَّدَى
 تأويلُ الشَّغَفِ
يَغُوصُ فِي صَدْرِي
يَحْصدُ جُرأَةَ خَطِيئَةٍ
وَرَعشَةٌ تتَبَرَّأُ مِنْ الْمَصِيرْ!

 (128)
طَعمُ العشقِ
طَعمُ العشقِ في فَمِي عنيدٌ
يداعبُ شفاهَكَ
يلعقُ أصابعي
يغمسُ سُكَّرَهُ في قهوتي
ويجعلُ صَبَاحِي شَغوفًا!

(129)
غيابُكَ
كُلَّمَا أدركَ الَّليلُ غيابَكَ
سقطَتْ النجومُ بِسَكتَةٍ قلبيَّة
وهامَتِ الحواسُ بزئيرِ الخيبَةِ
وَاسْتَيقَظَتْ شُجونُ القصيْدَة!